وهنا وجه ثالث هو أنه ربّما لا يسعه الخروج لئلَّا يفوته الجمعة أو الجماعة معهم ، فيتيمّم ، وما ذكره رحمه الله حسن أيضاً . فإذن تبيّن أنها إنما عني بها حال الصلاة مع المخالفين ، وقد جاء الأمر من أئمّة الهدى سلام الله عليهم بالطهارة لمن يريد أن يوقع معهم صورة الصلاة ، من الإتيان بصورة الركوع والسجود ولو بلا نيّة العبادة ، وأمروا بالطهارة لذلك ، بل جاء عنهم وعيد لمن دخل معهم في صلاتهم ولو بلا نيّة صلاة من غير طهارة [1] . وجاء عنهم عليهم السلام الأمر بالصلاة معهم بنيّة التنفّل [2] ، وهي غير مشروعة إلَّا بالطهارة ، فإذا كان الأمر كذلك ودخل معهم إنسان للصلاة معهم نفلًا أو صورة وأحدث ولم يتمكَّن من الخروج للطهارة لأحد تلك الأسباب ، أو غيرها كعدم المكنة من الخروج بالكلَّيّة ، سقط الطلب لتعذّره حينئذٍ ، وجاء آخر وقت تلك الصلاة ؛ لأن وقت تلك الصلاة وقت فعل صلاتهم فشرع التيمّم حينئذٍ ، وانطبقت هذه الأخبار على غيرها وصحّ العمل بها . فإن لم نقل فيها بهذا ، وإلَّا فسبيلها الاطَّراح لما ذكرنا فيها من العلل . وأمّا القول بما في ظاهرها من مشروعيّة التيمّم لمن منعه الزحام من الخروج في الجمعة وعرفة مطلقاً ولو في غير حال الصلاة مع المخالفين ، والإتيان بتلك الصلاة وإعادتها استحباباً ، ففيه ما مرّ . وفيه أنه قول بلا دليل ، والاستحباب حكم شرعي فيحتاج إلى دليل . وهذه الأخبار ظاهرها وجوب الإعادة ، فإمّا القول بظاهرها ، أو اطَّراحها ، أو حملها على ما ذكرناه . ولا دليل غيرها على مشروعيّة التيمّم حينئذٍ مطلقاً ، وفعل الصلاة به واستحباب إعادتها مطلقاً . هذا ، وينبغي قصر القول بمشروعيّة التيمّم حينئذٍ والصلاة به مطلقاً على القول به