الظنون فهو لا يكون إلَّا بالذكر اللسانيّ ، وهو خارج عن معنى الظنّ بلا شبهة ، فلا يخصّص به منطوق الآية ؛ لمباينته لمعناه . على أنا قد بيّنّا عدم دلالة الآيتين على المدّعى . ثمّ قال رحمه الله تعالى - : ( وعن الثالث : بأن العزم المختلف فيه ما له صورة في الخارج كالزنا وشرب الخمر ، وأمّا ما لا صورة له في الخارج كالاعتقادات وخبائث النفس ، مثل الحسد وغيره ، فليس من صور محلّ الخلاف ، فلا حجّة فيه على ما نحن فيه ) [1] . أقول : هذا حقّ ، يُعلم وجه حقيقته ممّا مرّ . ثمّ قال رحمه الله تعالى - : ( وأمّا احتقار الناس وإرادة المكروه بهم فإظهاره حرام يؤاخذ به ، ولا نزاع فيه ، وبدونه أوّل المسألة ) [2] . أقول : أمّا أن إظهاره حرام يؤاخذ به فحقّ لا شكّ فيه ، والعقل والنقل والإجماع عليه متطابقة بلا معارض ؛ لظهور أنه ليس من باب النيّات ، وإنما هو من الأفعال المنويّة . وأمّا أنه ( بدونه أوّل المسألة ) فممنوع ، بل هو أيضاً خارج عن محلّ البحث كما عرفت . ثمّ قال رحمه الله : ( والحقّ أنها محلّ إشكال ) [3] . أقول : لا إشكال يكاد يتحقّق بعد التأمّل فيما قرّرناه وأوضحناه . ثمّ قال رحمه الله : ( ثمّ الظاهر أنه لا فرق في قوله عليه السلام « ومَنْ هَمَّ بسيّئة ولم يعملها لم تكتب عليه » بين من لم يعملها خوفاً من الله ، أو خوفاً من الناس ، أو صوناً لعرضه ) [4] . أقول : أمّا أنه لا فرق بين من ترك ما نواه من المعصية خوفاً من الله أو خوفاً من الناس ، فإطلاقه ممنوع ؛ فإنّا قد أقمنا الدليل على أنه لو نوى المعصية ، وحال بينه
[1] شرح أُصول الكافي 10 : 145 . [2] المصدر نفسه . [3] المصدر نفسه . [4] المصدر نفسه .