ذلك ، فتراهم يسألونهم عن أنّ القراءة بالتوحيد في الوتر هل هي في ثلاثتهن أم لا ؟ أو أنّه إذا نسي الثالثة من الوتر ماذا يفعل على ما تراه بكثرة في النوعين ؟ فكانت القصة من أظهر مصاديق قول أبان بن تغلب - رحمه اللَّه - لأبي البلاد في دأب الشيعة ، وطريقتهم عند الاختلاف : يا أبا البلاد ، أتدري من الشيعة ؟ الشيعة الذين إذا اختلف الناس عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله أخذوا بقول عليّ عليه السلام ، وإذا اختلف الناس عن عليّ أخذوا بقول جعفر بن محمد عليهما السلام [1] . فثبوت ذاك الحكم في الشيعة - أي أنّ الوتر ثلاث ركعات - من لدن عصر عليّ عليه السلام بدلالة روايات عديدة من أهل السنّة عنه عليه السلام هو الذي جعل المجال لأن يكون الوتر عند الشيعة بمعنى ثلاث ركعات ، فصار أمرا مفروغا ومسلَّما في أسئلتهم عن الأئمة المتأخرين ، فلم يخطَّئوهم في ما ارتكز [2] في أذهانهم ، ولذلك كلَّه ، قال السيّد صاحب المدارك : ( إنّ الوتر اسم للركعات الثلاث ، لا الركعة الواحدة بعد الشفع ) . انتهى . وبنفس العبارة أيضا ، قال المحقّق السبزواريّ ، وقال شيخنا البهائي : - بتفاوت يسير - في قوله : ( إنّ الشائع في أخبار أهل بيت العصمة عليهم السلام إطلاق [3] الوتر على مجموع الثلاث ) . وقال شيخنا الطريحي في مجمع البحرين : ( والوتر في
[1] رجال النجاشيّ : ص 12 . [2] الذي نقله العامّة من عمل عليّ عليه السلام ، وهو إتيان الوتر بثلاث ركعات موصولة وقد خطَّأهم الأئمة عليهم السلام في ذلك . « منه دام علاه » . [3] كلام شيخنا البهائيّ غير مخالف لكلام صاحب الجواهر ، فأنّ شيوع إطلاق الوتر على مجموع الثلاث ممّا اعترف به في الجواهر أيضا ، وإنّما المخالف هو دعوى كون الوتر حقيقة في المجموع التي ذكرها صاحب الجواهر ، وأهملها شيخنا البهائي . « منه دام علاه » .