نام کتاب : رسالة في العدالة ( بضميمة قاعدة « ما يضمن » و « حمل فعل المسلم على الصحة » ) نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 75
النفس ، وله مراتب متكثّرة متحدة الذات ومختلفة الصفات في الشدة والضعف والأشدّية والأضعفيّة ، وأوّل مراتبه خوف من يغلب عليه الشهوة وهوى النفس غالباً فيكثر وقوعه في الإثم ، وآخر مراتبه مرتبة العصمة التي لا يعتري صاحبها غفلة ولا غلبة شهوة ولا متابعة هوى طرفة عين أبداً وبينهما متوسّطات ، ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف مراتب الإيمان قوّة وضعفاً ، و لذا قيل : أخوف الناس لربّه أعرفهم بربّه وبنفسه ، ومنه قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « أنا أخوفكم لله » [1] وقال الصادق ( عليه السلام ) : « من عرف الله خاف الله » [2] الحديث . والنكتة في الحصر المستفاد من قوله عزّمن قائل : ( إنَّمَا يَخْشى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَماءُ ) [3] هي كمال معرفتهم وفي الدعاء المنسوب إلى السيد السجاد ( عليه السلام ) « عجباً لمن عرفك كيف لا يخافك » [4] . فكلّما ضعف الإيمان ضعف الخوف ، وكلّما قوى الإيمان قوي الخوف ، فالمرء بقدر كمال معرفته يرسخ الخوف والاضطراب والحرقة في قلبه حتى يظهر أثره على البدن والجوارح بكفّها عن المعاصي وبعثها على الطاعات إلى أن يبلغ بصاحبه بسببه تزائده ، إلى أن يسدّ الشهوات على نفسه ، وينزّل اللذات على مذاقه منزلة السم المهلك ، ثمّ يفرّغ القلب بتصاعده عن المحظورات والمهلكات التي محلّها القلب من الكبر والحقد والحسد ، ويقرّ فيه مكانها الذبول والخشوع والذلّة و الاستكانة ، فهو الهيئة الراسخة الباعثة على ملازمة التقوى التي هي عبارة عن اجتناب الكبائر بل مطلق المعاصي . وأمّا الثاني : فلأنّ الحياء تغيّر وانفعال يعتري الإنسان عند حضور ذي شأن مطّلع عليه وعلى ما يخاف أنّه لو وقع منه يعاقب عليه ويذمّ ، ولا يكون إلاّ فيما يستقبحه طبعه ، سواء كان في الواقع قبيحاً أولا ، وأصله فيما بين العبد والرب الإيمان بالله وبقدرته وعلمه به وبفعله ، وأنّه لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في