نام کتاب : رسالة في العدالة ( بضميمة قاعدة « ما يضمن » و « حمل فعل المسلم على الصحة » ) نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 143
فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة ، أما والله أنّها ليست إلاّ لأهل الإيمان ، قال : قلت : فإن عاد بعد التوبة والاستغفار في الذنوب وعاد في التوبة ، فقال : يا محمّد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر الله منه ويتوب ثمّ لا يقبل الله توبته ، قلت : فإنّه فعل ذلك مراراً يذنب ثمّ يتوب ويستغفر ، فقال : كلّما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة ، وأنّ الله غفور رحيم يقبل التوبة ويعفو عن السيّئات ، فايّاك أن تقنّط المؤمنين من رحمة الله [1] . فإنّ عدم وقوع المعزوم عليه في الخارج وعدم إخلاله بالتوبة يدلّ على عدم اعتبار الوثوق والاطمئنان بوقوعه في العزم على عدم العود المعتبر فيها ، ولعلّ أصحاب القول بعدم اعتبار العزم يريدون نفي اعتبار ذلك لا نفي أصل العزم ، فإنّه على ما بيّناه ضروري الوجود مع الرجوع إلى الله والندم على الذنب خالصاً لوجهه الكريم ، وعليه فيعود النزاع لفظيّ ، وهو بعيد . وبالتّأمّل فيما بينّاه اندفع ما استشكله في الذخيرة ، على القول باعتبار العزم على الترك وعدم العود في التوبة بما محصّله : قيام العذر أو العسر المانعين من اعتباره عقلا ونقلا ، فإنّ الظاهر أنّ التوبة عن الذنب واجب اتفاقاً ، من غير فرق بين الصغيرة والكبيرة ، والعزم على ترك الصغائر متعذّر أو متعسّر ، لأنّ الإنسان لا ينفك عنها غالباً ، فكيف يتحقّق العزم على تركها أبداً مع ما جرّب من حاله وحال غيره من عدم الإنفكاك عنها ؟ ! [2] . وفيه : أنّ غلبة عدم الانفكاك عن الصغائر إنّما تخلّ بالوثوق والاطمئنان بحصول المعزوم عليه ، ولا تخلّ بأصل العزم بمعنى الجزم ، فإنّ كلّ مريد لفعل أو ترك حين الشروع فيه جازم بالايقاع وغير مطمئن بالإتمام أو الاستمرار ، لاحتمال طروّ عذر أو مانع . وبالجملة الجزم بالايقاع لا ينافيه احتمال عدم الوقوع ، فالجزم بترك الذنب وعدم العود إليه أبداً على تقدير عدم غلبة الشهوة وهوى النفس على الخوف