نام کتاب : رسالة في العدالة ( بضميمة قاعدة « ما يضمن » و « حمل فعل المسلم على الصحة » ) نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 142
المقرّب إلى الشيطان ، وإذا سامح فيه فلا أقلّ من أن لا يسامح في التوبة منه والندم عليه ، ولقد ذكر إلى التوبة طريقاً ، وهو ذكر ما ورد في فضلها ، والعلم بقبح الذنوب ، وشّدة العقوبة عليها ، وضعف النفس عن الاحتمال ، وشرف الآخرة ، وخساسة الدنيا ، وقرب الموت ، ولذّة المعرفة ، والمناجاة الممتنعة مع الاصرار ، وخوف الامهال ، والاستدراج بعدم المؤاخذة الحاليّة ، والتوسعة الماليّة - أعاذنا الله من تبعات النفس - وحبّ الدنيا ، وطول الأمل البالغة بصاحبها في سلك المستدرجين . وإذ قد عرفت أنّ روح التوبة هو الندم على ما سلف من الذنب فهل يعتبر فيها مع ذلك العزم على عدم العود في المستقبل فمن ندم ولم يعزم ليس بتائب ؟ قيل : نعم وعزى إلى ظاهر الأكثر [1] ، وقيل : لا ، ونسب إلى مذهب جمع من العلماء . والتحقيق أنّ الندم الباعث على الرجوع إلى الله الناشئ من الإيمان بسوء العاقبة وشدّة العقوبة لا ينفكّ عن العزم ، بمعنى الجزم بعدم العود إليه أبداً ، وفي بعض الأخبار أيضاً - على ما ستعرفه - دلالة على اعتباره . وأمّا الوثوق والاطمئنان بحصول المعزوم عليه إلى الأبد فهو من صاحب النفس الأمّارة ومن يمكن في حقّه غلبة الشهوة وهوى النفس مرّة أُخرى ، بل كرّة بعد أُولى فغير ممكن عادة ، ولعلّ معتبري العزم لم يعتبروه أيضاً اكتفاء منهم بالعزم على عدم العود مطلقاً . ويدلّ عليه الأخبار الدالّة على قبول التوبة للنقض كالمروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما أصرّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة [2] . وما روي عن الصادق ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( تُوبُوا إِلى الله توبةً نَصُوحَاً ) [3] قال : هو الذنب الذي لا يعود فيه أبداً ، قيل : وأيّنا لم يعد ؟ قال : يا فلان إنّ الله يحب من عباده المفتن التواب [4] يعني كثير الذنب كثير التوبة . وعن الباقر ( عليه السلام ) قال لمحمّد بن مسلم : ذنوب المؤمن إذا تاب عنها مغفورة له