فقد دلّت هذه الآية على أن المكره على الكفر - بلسانه - مع استبطان الأيمان كعقيدة ثابتة في جوانحه معذور شرعا .
وبالتالي فإن الذي لا يمكنه السكنى إلا في مكان يُمنع فيه من إظهار دينه فهو بمثابة المكره بلا إشكال .
وعليه فإن مثل هذا السفر خارج عن سفر المعصية فيقصر في سفره ولا يصوم ما لم ينوِ الإقامة لوجود المقتضي وعدم المانع ببركة الدليل الشرعي بناءً على تماميته .
نعم لو أدَّى سفره هذا إلى التخلي عن الدين حتى من جهة العقيدة فيشكل جواز السفر ، لان حفظ النفس ليس بأولى من حفظ الدين ، الذي به يسموا الإنسان . . . كما في موارد الجهاد ، فإن في الجهاد إزهاقا للنفوس لأجل الدفاع عن الدين ، ورفع كلمة التوحيد ، بل عُدَّ القتل في سبيل هذه الغاية العظيمة شهادة في سبيل الله التي هي من الدرجات الرفيعة ، بل يمكن القول أنه من أهم الواجبات .
وكما في دفع البدعة ، كما التزم به العديد من الفقهاء ودلَّت على ذلك الروايات ، فإن الوقوف بوجه البدعة وبيان الحق من أعظم الواجبات وأهمها ، فهو أهم من الجهاد أيضا فدفع البدعة واجب حتى لو استلزم التضحية بالنفس لبيان الحق ، خلافاً لموارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتجاوز موارد احتمال

139