وسادسا : فرض تغاير مبدء التحقّق والحساب إنّما يصحّ فيما إذا كان مبدء الحساب متأخّرا دائما أو غالبا ، وأمّا إذا كان مبدء الحساب متقدّما في كلّ حين وزمان فهو من أخيلة وهميّة لا واقعيّة خارجية . وما نحن فيه من هذا النّوع ، لأنّا ذكرنا أنّه بمجرّد خروج القمر يرى في ناحية ، فنصف الكرة الأرضيّة الشّرقيّة بالنّسبة إلى هذه النّاحية البعيد عنها من دقيقة إلى اثنتي عشرة ساعة يحسب من ليلة الشّهر القادم ، مع أنّ الشّهر الواقعيّ لم يدخل بعد ، لأنّ القمر لم يخرج في هذه المدّة عن تحت الشّعاع ، بل يدخل بعد دقيقة إلى اثنتي عشرة ساعة . وسابعا : كلَّما خرج القمر عن تحت الشّعاع ، رئي في ناحية ما لا محالة ، وذلك لما ذكرنا في المقدّمة الثالثة من أنّ الأرض بحركتها الوضعيّة تتجدّد لها آفاق ، ففي كلّ آن تغرب الشّمس وتختفى تحت أفق من الآفاق . ففي آن خروج القمر عن تحت الشعاع تختفى الشّمس تحت أفق ، ويرى الهلال في هذا الأفق . فإذن لا نجد زمانا في آن من الآنات ، يفترق زمان الخروج عن تحت الشّعاع من زمان الرّؤية ، في مجموع الأرض في أفق ما ، كما لا نجد في مجموعها مكانا لا يمكن فيها الرؤية بمجرّد الخروج . فالتّفريق الزّمانيّ بين الخروج والرؤية ، وتصوير الفصل بينهما مجرّد توهّم باطل ، كما أنّ تخيّل إمكان عدم وجود ناحية أرضيّة يمكن فيها الرّؤية بمجرّد الخروج كذلك . فعلى هذا لا يجدى الفرار عن قبول النّقود الواردة في موسوعتنا على مذهبك ، بالفرق بين المبدئين زمانا ، مبدء تحقّق الشّهر ومبدء الحساب . فجميع النّقود باقية بحالها ، وقائمة على ساقها طابق النّعل بالنّعل والقذّة بالقذّة والنّقود إنّما وقعت موقعها إذا التزم بعدم لزوم الاشتراك في الآفاق ، وكفاية رؤية ما ولو من بعيد . مثلا إذا فرضنا خروج القمر عن تحت الشّعاع في أقصى البلاد الغربيّة كإسبانيا فيرى لا محالة في هذا البلد أوّل وقت خروجه وهو أوّل زمان مغيب الشّمس ، المعبّر بأوّل اللَّيل . فإذن لا بدّ وأن يحسب جميع اللَّيلة البالغة اثنتي عشرة ساعة أو أكثر ، من إسبانيا إلى بكن وتوكيو من أقصى البلاد الشرقيّة ، من الشهر القادم من أوّل اللَّيل ، مع أنّه في أوّل اللَّيل في بكن وتوكيو لم يخرج القمر عن تحت الشّعاع ، بل بقي إلى زمان خروجه اثنتا