إسم الكتاب : رسالة حول مسألة رؤية الهلال ( عدد الصفحات : 176)
دخول الشّهر الجديد . فجزاك الله تعالى عن العلم وأهله خير الجزاء ، وأبقاك للعلم وأهله خير البقاء . هذا ولكن لمّا كانت هذه الأجوبة غير ناهضة لدفع النّقود المذكورة بوجه من الوجوه ، ولم يكن حالك بما يتراءى من ظاهر الأمر مساعدا ومجالك واسعا عند ما تشرّفت بلقائك للبحث مشافهة ، وبما قيل من أنّ حياة العلم بنت البحث ، صلَّيت واستخرت الله تعالى ، واستجزت من سماحتك أن أكتب جوابا عن كتابك المرسل عسى أن يقع مورد القبول . وبتبديل فتياك في هذه المسئلة ، يرتفع الخلاف ، وتنتهي المعارك والضّوضاء ، ويستريح الناس من الشّبهة في أعمال الأيّام واللَّيالي من شهر رمضان القريب جدّا ، ومناسك عيد الفطر القادم والله يعلم وضميرك يشهد بأنّه لم يكن الدّاعي إلى هذه الاطروحة إلَّا الوصول إلى متن الواقع . وإنّما التّوفيق بالله ، منه المبدء وإليه المعاد . فأقول مستعينا به : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، * ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيه ِ الْقُرْآنُ ، هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه ُ ) * . وقبل الخوض في البحث لا بدّ من تقديم مقدّمات ثلاثة : الأولى : إذا واجه ناظر إلى الكرة المستضيء نصفها بإشراق مبدء مضيء ، يرى تمام النّصف المستضيء فيما إذا خرج شعاع نور عينه إلى مركز الدّائرة المستضيئة ، وأمّا إذا لم يصل هذا الشّعاع إلى المركز ، فلا يرى تمام النّصف ، بل بحسب تفاوت اختلاف درجات مركز الدّائرة المستضيئة مع نقاط وصول شعاع نور عينه الممتدّ إلى الكرة ، يتفاوت مقدار رؤية الكرة . فقد يرى ثلثي النّصف المستضيء ، وقد يرى نصفه ، وقد يرى ثلثه وربعه إلى أن يراه بشكل الهلال . نصّ على ذلك علماء علم المناظر والمرايا من المتقدّمين والمتأخّرين . وحاسبوا مقدار المرئيّ من النّصف المستضيء بحسب جميع تقادير زواياه