أحكامه ، أم لا ؟ بعد مفروغيّة ترتّب الصّيام في كلّ بلد على الرّؤية في ذلك البلد . فلذا صرّح بأنّ قوما من الحسّاب ذهبوا إلى رؤيته في تلك اللَّيلة بعينها في تلك الآفاق البعيدة فهل يجوز ما قاله الحسّاب حتّى تختلف الآفاق ويختلف الفرض على أهل الأمصار ، ببيان ما هو مرتكز في ذهنه من ترتّب الصّيام على الرّؤية ليس غير ، معبّرا عنه بأنّه هل يمكن بأن يكون صومهم خلاف صومنا ، وفطرهم خلاف فطرنا ؟ فتبيّن أنّه لم يكن بصدد تكليف نفسه في بلده أبدا ، بل كان متيقّنا على أنّه لم - يؤمر بالصّيام لمكان عدم الرّؤية عنده . بل كان بصدد أن يعرف تكليف القاطنين في تلك البلاد ، بأنّهم هل يمكن أن يصوموا المكان الرّؤية الحاكية عنها طائفة الحسّاب ، ويفطروا لمكان الرّؤية في بلادهم أيضا باختلاف آفاقهم مع أفقه ، أم لا يجوز ما قاله الحسّاب ، فيكون جميع الآفاق متّحدة في إمكان الرّؤية وعدمه ؟ وإذا لم يجز ما قاله الحسّاب ، فلمكان استهلاله في آفاقه وعدم الإهلال مع فقدان علَّة في السّماء علم عدم وجوده في تلك الآفاق أيضا ، فعلم بطلان قول الحسّاب . وممّا ذكرنا يظهر أنّ قوله في أوّل سؤاله : بأنّه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان ، لم يكن المراد تردّدا وإشكالا في وظيفته من الصّيام قطعا . بل المراد تحقّق الإشكال من حيث إمكان دخول شهر رمضان في ناحية كإفريقيّة والأندلس ، وعدم دخوله في ناحية أخرى كبلدة ، وعدم إمكانه . ويظهر أيضا أنّ ما وقّع عليه السّلام بقوله : لا تصومنّ بالشّكّ أفطر لرؤيته وصم لرؤيته ، لم يكن بيان تكليفه في بلده وهو في هذه الحالة من اليقين على عدم دخول الشّهر . بل كان بصدد بيان قاعدة كلَّيّة لجميع الأفراد في كلّ مكان ، في قالب الخطاب الشّخصيّ ، بأنّ المدار على الرّؤية الفعليّة ، ولا عبرة بقول المنجّمين الموجب للشّكّ . فكلّ أحد في أيّ بلدة من البلاد ، إذا تحقّقت الرّؤية يصوم ، وإلَّا فلا يصوم ، نظير الخطابات القرآنيّة فيما يكون المخاطب فيها خصوص النّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، والمراد بيان تكليف قاطبة المكلَّفين . فعلم ممّا ذكرنا أنّ هذه الرّواية من حيث دلالتها على مفروغيّة الرّؤية الفعليّة في كلّ ناحية في ذهن السائل وعدم ردعه عليه السلام أوّلا ،