إسم الكتاب : رسالة حول مسألة رؤية الهلال ( عدد الصفحات : 176)
خلاف صومنا وفطرهم خلاف فطرنا ؟ فوقّع عليه السلام : لا تصومنّ بالشّك ، أفطر لرؤيته وصم لرؤيته . ورواه في الوسائل في باب أنّه لا عبرة بإخبار المنجّمين ، وأهل الحساب . طريق الاستدلال : أنّ النّهى عن الصّوم لأجل كونه شاكَّا من قولهم كالصّريح في أنّه لو كان قاطعا برؤية أهل تلك البلاد ، لكان له حكمهم ، والحال أنّها من البلاد البعيدة بالنّسبة إلى بلاد الرّاوي كما لا يخفى . بل وظاهر السؤال أنّ في استخراج أهل الحساب أيضا إنّما كان يمكن الرّؤية في تلك البلاد خاصّة ، دون بلد الرّاوي كما لا يخفى . واحتمال أن يكون المراد أنّ الرّؤية في تلك البلاد موجبة للشّكّ في إمكان الرّؤية في بلدك ، فلا تصم لأجل ذلك ، فيدلّ على أنّ العبرة ببلد المكلَّف خاصّة ، كما ترى خلاف الظَّاهر جدّا ولو بالنّظر إلى أنّه لو كان المراد ذلك لقال : صم بالرؤية في بلدك صريحا ، ولم يأمر بالصّوم بالرّؤية بقول مطلق الَّذي هو في مقابل العمل بقول أهل الحساب ونحوه من الأمور الظنّيّة ، كما أشرنا إليه مرارا ، وإلى أنّ من البعيد فرض الشّكّ في إمكان الرّؤية في بلد الرّاوي ، بعد فرض عدم رؤية جميع النّاس طرّا ، مع عدم العلَّة في السّماء ، وكونه في استخراج أهل الحساب غير ممكن الرّؤية . فليس إلَّا الشّكّ في الرّؤية في تلك البلاد ، لقول أهل الحساب بإمكان الرّؤية فيها - انتهى . أقول : فقه الحديث يدلَّنا على أنّ السائل لم يرد سؤال تكليفه بالصّيام عن الإمام عليه السلام ، ولم يشكل عليه شهر رمضان بالنسبة إلى بلده حيث صرّح في سؤاله بأنّه لم - ير الهلال ولم يره الناس وليست في السّماء علة ، والظَّاهر منه أيضا أنّ في استخراج أهل الحساب كانت الرّؤية ممتنعة في بلده حيث علَّق إمكان الرّؤية على قولهم بتلك البلاد النّائية خاصّة . بل كان بانيا على عدم دخول شهر رمضان في بلده ، على ما هو المرتكز في ذهنه وأذهان الناس ، من لزوم الرّؤية فيه بخصوصه . وعلى هذا الأساس بنى على الإفطار قطعا كإفطار النّاس . ولم يظهر من سؤاله هذا أدنى توهّم شكّ وشبهة بالنّسبة إلى إفطاره وإفطارهم . وإنّما سأل عن أمر آخر ، وهو جواز اختلاف الآفاق في الرّؤية وعدمه ، وأنّه هل تجوز الرّؤية في بلد ، فيترتّب عليها أحكام الصّيام ، وعدم الرّؤية في آخر ، فلا يترتّب عليها