حقّ كلّ حاضر ومسافر في البرّ والبحر ، أو قاطن على قلَّة جبل أو أكمة أو بطن واد ، أو مسافر مع خدمه وحشمه وخيمة طوال السّنة ، في الأماكن المعمورة المتناسبة ، كالايلات . وأمّا البناء على عدم لزوم الاشتراك في الآفاق ، يوجب مزيد غموض وإشكال وتحيّر في الناس ، ويضطرّهم إلى الرّجوع إلى أقوال الرّصديّين ، بلزوم أخذ مستخرجاتهم في التّقاويم وغيرها ، أو البناء في غالب شهورهم على الشّكّ واستصحاب عدم الهلال . كما أنّ بناء المواقيت في الصّلوات إنّما هو على موضوعات سهل التّناول كالزّوال والغروب والعصر المعلوم بظلّ الشاخص والعشاء المعلوم بذهاب الحمرة المغربيّة وتبيّن الفجر الصادق . وهذه المواقيت معلومة لكلّ أحد حضريّ وبدويّ ، برّيّ وبحريّ عالم بالعلوم الرّياضيّة وجاهل بها فلو كانت مواقيت الصلوات منوطة بالسّاعات المستخرجة من التّقاويم ، لما تمكَّن من تناولها الجميع ، وانحصرت في بعض الطَّوائف من النّاس ، أو وقع النّاس في العسر العظيم والحرج الشديد . كلّ ذلك في الصّلوة والصّوم والحجّ وما شابهها ، ممّا لا تساعده الشريعة السّمحة الغرّاء . * ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ، ) * [1] * ( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ) * . [2] التنبيه الخامس ، أنّ كتاب سبيل الرّشاد في شرح كتاب نجاة العباد للسّيّد أبى تراب الخونسارى - قدّه - لم يكن بأيدينا حين تأليف الموسوعة الاولى ، كي نطالعه ونلاحظ مواقع الاستدلال فيه على عدم لزوم الاشتراك في الآفاق . وقد وهبنا الله تعالى في هذه الآونة ، وبعد ما طالعناه وجدنا أنّ من جملة ما استدلّ به على مرامه صحيحة محمّد بن عيسى المرويّة في التّهذيب بإسناده عنه قال : كتب إليه أبو عمرو : أخبرني يا مولاي أنّه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان ولا نراه ، ونرى السّماء ليست فيه علَّة ، ويفطر الناس ونفطر معهم ، ويقول قوم من الحسّاب قبلنا أنّه يرى في تلك اللَّيلة بعينها بمصر وإفريقيّة والأندلس ، هل يجوز يا مولاي ما قال الحسّاب في هذا الباب ، حتّى يختلف الفرض على أهل الأمصار ، فيكون صومهم
[1] سورة 22 الحجّ الآية 78 . [2] سورة 21 الأنبياء الآية 107 .