لزوم الاشتراك في الآفاق في رؤية الهلال الرّاجع إلى لزوم كون الهلال فوق الأفق في كلّ ناحية وما حواها ، وعدم اللزوم الرّاجع إلى كفاية خروجه عن تحت الشعاع . وفي كلّ واحد من المسلكين يمكن أن يتصوّر ثبوتا دخالة الرّؤية على وجه الطَّريقيّة ، أو على وجه الموضوعيّة كما يمكن أن يذهب إثباتا ، كلّ واحد من الطَّرفين على دخالتها على وجه الطَّريقيّة ، أو على وجه الموضوعيّة فلا يلازم القول بلزوم الاشتراك مع القول بالموضوعيّة ، كما لا يلازم القول بعدم اللزوم مع القول بالطَّريقيّة . لكن لمّا انجرّ البحث إلى كيفيّة دخالة الرّؤية إثباتا ، أردنا في طيّ هذه المباحث أن نستدلّ على طريقيّتها الانحصاريّة المعبّر عنها بالموضوعيّة ، تتميما للبحث . وأمّا النقطة الثالثة فنقول : إنّ للقمر بعد دخوله في الشّعاع إلى أن يخرج منه إلى أن يصير قابلا للرّؤية في ناحية معيّنة ثلاث حالات . الحالة الأولى ، حال المقارنة مع الشّمس ، تنطبق الدّائرة الظَّاهرة منه على الدّائرة المستضيئة من شعاع الشّمس ، فلا يرى ، لأنّ نصفه الَّذي يسامت الأرض مظلم ، وهذه الحالة تسمّى بالمحاق . الحالة الثانية ، حالة كونه تحت الشّعاع ، فهي فيما إذا خرج عن المقارنة ، وحينئذ لا بدّ وأن يرى على شكل هلال ضعيف ، كالخيط الدّقيق في غاية الدقّة ، لكن أبصارنا لا تقدر على رؤيته وهو على هذه الدقّة والضّعف ، إلى أن يسير في المدار ، ويبعد عن الشّمس ، حتّى يكبر هذا الخيط بابتعاده عنها ، ويصير القطر المنوّر له قابلا للرّؤية بشكل الهلال ، وهذه الحالة تسمّى تحت الشّعاع . الحالة الثالثة ، حالة خروجه عن الشّعاع ، فإذن إمّا أن يقارن وهو في هذه الحالة غروب الشمس بالنّسبة إلى هذه النّاحية ، فيرى لا محالة بشكل الهلال ، ولا يحتاج بعد إلى سيره في المدار ، أو سير الأرض نحو المشرق حتّى يصل إلى أفق تلك المنطقة حين غروب الشّمس . لأنّا فرضنا تقارن خروجه عن الشّعاع مع غروب الشّمس بالنّسبة إليها ، وليس معنى خروجه عن الشّعاع إلَّا صيرورته قابلا للرّؤية . وإمّا أن لا يقارن ، بل خرج عن الشّعاع ولمّا تغرب الشّمس عن هذه النّاحية ، فالرّؤية حينئذ غير ممكنة لأنّ الأشعّة القاهرة الشّمسيّة تمنعنا عن الرّؤية . فلا بدّ وأن تسير الأرض نحو المشرق إلى حد تغيب الشّمس تحت الأفق ، فتطابق المغربان والافقان مغرب القمر ومغرب الشّمس ، ودائرة انعكاس نور القمر على سطح