هذا ثمّ إنّ ما أوردناه على طريقيّة المحضة لرؤية الهلال إنّما هو على طريقيّتها المحضة لهذه المرتبة ، فقد برهنّا على أنّ ما هو المستفاد من الكتاب والسّنّة والإجماع المدّعى ، طريقيّتها المنحصرة للهلال البالغ لهذه المرتبة القابلة للرّؤية ، ومعنى طريقيّتها الانحصاريّة ، دخالتها في ترتّب الأحكام الشّرعيّة بما هي رؤية وطريق خاصّ وكاشف مخصوص ، وهذا عين معنى الموضوعيّة . ولم نعطف محطَّ الطَّريقيّة إلى كون الهلال في مرتبة غير قابلة للرّؤية ، كحال خروجه عن الشّعاع على ما توهّم ، ومحطَّ الموضوعيّة إلى كونه في مرتبة قابلة لها ، حتّى يختلف مورداهما كما أفيد . بل محطَّها على كلا المسلكين واحد ، إنّا برهنا على كون الهلال طريقا انحصاريّا لدخول الشّهر إذا رئي في الأفق ، والأستاذ ذهب إلى كونه طريقا محضا إلى خروجه عن تحت الشعاع . ثمّ إنّ ما هو دخيل في الشّهور ، الرّؤية الفعليّة ، وهي الظَّاهرة من النّصوص والفتاوى والإجماع المدّعى ، وهي محطَّ النّظر والآراء ، والمعتمد عليها عند الأصحاب الإماميّة رضوان الله عليهم ، وصريح الشّيخ والفاضلين والجمهور . وامّا الرّؤية التّقديريّة فهي بمنزلة العدم . فإذن نلتزم بعدم دخول الشّهر ولو علم بوجود الهلال فوق الأفق بالتطوّق والارتفاع ورؤية ظلّ الرأس وما شابهها ولو فيما يوجب العلم ، وكذا بالقول الرّصديّ ، وبالأجهزة الحديثة إذا خرقت حجاب الغيم ، وبقول معصوم مفيد لليقين . لأنّ المعصوم لا يخبرنا بدخول الشّهر مع فرض كونه مترتّبا على الرّؤية ولمّا تتحقّق ولم يتمّ الموضوع ، بل يخبرنا بوجود الهلال فقطَّ بلا رؤية على الفرض . فهو أيضا لا يرتّب على نفسه الأحكام المترتّبة على دخول الشّهر من الصّيام ونحوه ، مع علمه بوجود الهلال وإخباره لنا به ، فكيف بصيامنا ونحوه ، ولا بعد في هذا . ومن خالفكم إنّما يخالف في كبرى المسئلة ، وأمّا الصّغرى فكثيرا ما يحصل العلم بوجود الهلال مع المحاسبات الدّقيقة الرياضيّة الهندسيّة ، المساوقة للبداهة والوجدان ، خصوصا في هذه الآونة الَّتي انتهت دقّة المحاسبات الرّصديّة إلى الواحد من عشرة آلاف جزء من الثانية 10000 / 1 تنبيه وتبصرة : أنّ محطَّ خلافنا الأصلي مع الأستاذ مدّ ظلَّه السامي إنّما هو في