تسعة وعشرين يوما من رؤيته ثانيا . لأنّ مبنى حجّيّة الأمارة ليس على التّنزيل ، أو على جعل المؤدّى منزلة الواقع ، بل على ما هو المحقّق في الأصول وبنى عليه مشايخنا المحقّقون ، منهم أستاذنا العلَّامة الخوئي أدام الله أيّام بركاته ، من باب تتميم الكشف النّاقص تعبّدا ، وجعلها بمثابة اليقين في عالم الاعتبار ، فإذن نفس الرّؤية الوجدانيّة ، أو الرّؤية التعبّديّة توجب لنا قضاء يوم الشّكّ ، لمكان محرزيّتهما وكشفهما عن ثبوت الهلال ليلة الثّلاثين من شعبان . وليس هذا مجرّد إمكان التّنزيل والحكومة في مقام الثّبوت كما أفيد ، بل الكافل لهذه الحكومة والتّنزيل في مقام الإثبات هو نفس أدلَّة حجّيّة البيّنات . وقد ثبت في الأصول أنّ الأمارات والأصول التّنزيليّة ، لها حكومة على العلم الَّذي أخذ في الموضوع على وجه الطَّريقيّة ، بنفس أدلَّة حجّيّتها . وأمّا ما أفيد من أنّ عنوان الشّهر الَّذي أنيط به الحكم بوجوب الصّوم أمر عرفيّ ، وليس من مستحدثات ؟ الشّارع والشّهر عند العرف أمر واقعيّ ليس للرّؤية دخل فيه إلَّا بنحو الطَّريقيّة المحضة . فيرد عليه أنّ للشارع دخلا في الموضوعات العرفيّة الَّتي يريد أن يرتّب عليها الأحكام ، بإدخال بعض القيود في التّوسعة والتّضييق . مثل عنوان السفر والحضر ، فتصير حينئذ موضوعات شرعيّة لما يترتّب عليها من الأحكام . كما أنّ له نصب طريق خاصّ بالنسبة إلى موضوع واقعيّ خارجيّ ، مثل الإقرار أربع شهادات أو شهادة أربعة شهود في إثبات الزّنا ، والإقرار أو البيّنة أو القسامة مع اللَّوث ، في إثبات القتل ، والحكم بمضيّ شهادة النّساء فيما يتعلَّق بهنّ وفي الوصايا والأموال دون رؤية الهلال . والشّهر وإن كان موضوعا خارجيّا ، وعنوانه المحمول عرفيّا ، إلَّا أنّ الشارع نصب طريقا خاصّا إلى إحرازه ، وهو الرّؤية ، ولا يرضى بإحرازه من غير هذا الطَّريق . فلهذه المناسبة صارت الرّؤية دخيلة في تحقّق الشّهر بما يرتّب عليه الشّارع من الأحكام ، فتصير جزئا للموضوع على نحو الطَّريقيّة الخاصّة المعبّر عنها بالموضوعيّة أو الصفتيّة . فيصير الشّهر شهرا قمريّا هلاليّا شرعيّا ، في قبال الشّهر القمريّ الحسابىّ ،