أدلَّة حجّيّة البيّنة في الموضوعات كرواية [1] مسعدة بن صدقة ، وعلقمة [2] ، وغيرهما ، والإجماع المدّعى في المقام ، كان لنا شاهدا على كاشفيّتها المحضة . لكنّك عرفت أنّه لا مجال لحجّيّة مثل هذه البيّنة بعد إطباق الإجماع والنّصوص والفتاوى على حجّيّة البيّنة القائمة على خصوص الرّؤية ، ليس غير . وأمّا الاستدلال بطريقيّتها المحضة من ثبوت لزوم القضاء يوم الشّكّ الَّذي أفطر فيه ، لعدم طريق له إلى ثبوت الهلال ، فتبيّن بعد ذلك بالبيّنة أو الرّؤية ليلة التّاسع والعشرين من صومه وجود الشّهر يوم إفطاره فسيرد عليه ما أوردنا سابقا ، من أنّ الرّؤية أو البيّنة ليلة التّاسع والعشرين كاشفة عن ثبوت الفطر أوّلا وعن ثبوت الهلال قبل مضىّ
[1] وهي ما رواه في الوسائل في كتاب التّجارة في الباب الرّابع من أبواب ما يكتسب به عن الصّدوق وعن الشيخ بإسنادهما عن على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك وقد اشتريته وهو سرقة والمملوك عندك لعلَّه حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك والأشياء كلَّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة . [2] وهي ما رواه في الوسائل في كتاب القضاء في الباب الواحد والأربعين من أبواب الشّهادات عن كتاب عرض المجالس بإسناده عن علقمة قال قال الصادق عليه السلام وقد قلت له يا ابن رسول الله أخبرني عمّن تقبل شهادته ومن لا تقبل فقال يا علقمة ! كلّ من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته . قال : فقلت له : تقبل شهادة معترف بالذّنوب ؟ فقال : يا علقمة لو لم تقبل شهادة المعترفين للذنوب لما قبلت إلَّا شهادة الأنبياء والأوصياء عليهم السلام لأنهم المعصومون دون سائر الخلق . فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنبا ومن اغتابه بما فيه فهو خارج من ولاية الله داخل في ولاية الشّيطان ، ولقد حدثني أبى عن أبيه عن آبائه انّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنّة ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه فقد انقطعت العصمة بينهما وكان المغتاب في النّار خالدا فيها وبئس المصير . قال علقمة : فقلت للصّادق عليه السلام : انّ الناس ينسبوننا إلى عظائم الأمور وقد ضاقت بذلك صدورنا فقال عليه السلام : إنّ رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط وكيف تسلمون ممّا لم يسلم منه أنبياء الله ورسله - الحديث . وقد نقلنا هذا الحديث بطوله لما فيه من جهات الفائدة الصّادرة من معدن العلم والحكمة ، رزقنا الله التعلَّم والتّفهّم .