الرّؤية والأمارة دليل على ثبوت الواقع حينئذ ، لكنّه ليس كذلك ، بل أطبق النصّ والفتوى وادّعى الإجماع على كفاية البيّنة القائمة على رؤية الهلال ليس غير . [1] فحينئذ ليست الرّؤية والبيّنة متسابقان إلى إثبات الواقع ، أحدهما وجدانا والآخر تعبّدا . بل الرّؤية الوجدانيّة تعلَّقت بوجود الهلال ، والبيّنة تعلَّقت بالرّؤية ، فتعلَّقت بالمتعلَّق بالكسر لا بالفتح . ومفادها تنزيل الرّؤية التعبّديّة مقام الرؤية الوجدانيّة ، وتوسيع دائرة الرّؤية إلى الأعمّ منها ؟ بتوسعة دائرة الرؤية الَّتي هي عبارة عن الإبصار بالعيون المتّصلة ، بالإبصار بالعيون المنفصلة بالجعل التشريعيّ . وهذا معنى حكومة أخبار البيّنة على أخبار الرّؤية . وهنا محلّ الدّقّة والنّظر ، فإنّه من مزالّ الأقدام ، حيث اشتبه الأمر على كثير من أهل العلم ، فادّعوا طريقيّة الرّؤية المحضة ، بادّعاء قيام الأمارات مقامها ، ولم يتنبّهوا للاختلاف بين متعلَّقيهما . وثانيا المستند في حجّيّة البيّنة في هلال شهر رمضان هو الرّوايات الخاصّة الواردة في المقام ، الدالَّة على قيام البيّنة مقام الرّؤية ، وهي كثيرة ، فإذن لا دلالة لها على الطَّريقيّة المحضة والكاشفيّة الصّرفة للرّؤية إذ جعل الرّؤية طريقا واحدا وكاشفا فاردا عن الهلال في مقام الثّبوت ، ومعذلك توسيع هذه الدّائرة بالرّؤية التعبّديّة الحاصلة بالبيّنة في مقام الإثبات بالنّصوص الخاصّة ، ممّا لا مانع منه . وقد دلَّت الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة على طريقيّتها المنحصرة ، وبعبارة أخرى على جزئيّتها للموضوع على نحو الكاشفيّة ، ودلَّت الرّوايات على كفاية الرّؤية التعبّديّة في مقام الإثبات . نعم لو قامت البيّنة على غير الرّؤية ، بل على دخول الشّهر المستند إلى التطوّق ، أو الارتفاع ، أو الجدول والزيج ، أو قول الرّصديّ ونحو ذلك ، واستندنا على حجّيّتها بعمومات
[1] واعترف به الأستاذ نفسه مدّ ظلَّه على ما في رسالة المنهاج ج 1 ص 280 حيث قال : ولا ( اى ولا يثبت الهلال ) بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية .