وأنّ العمل على ما ذكرناه لا يجرى العلم بتقدّمه على زمان من نسبت الجداول إليه ، مجرى العلم بالعمل على رواية الأهلَّة ، ولا تقاربه ، بل ولا يعلم ذلك أصلا على وجه ولا سبب . فإن قيل : إذا كان العمل على الجدول حادثا ، فما ينكر أن يكون الأمر من الرّسول صلَّى الله عليه وآله والإمام بعده في تعريف أوائل الشّهور وأواخرها ، هو المعتبر في ذلك ؟ وعليه العمل ؟ قلنا لو كان ما ذكرته صحيحا لكان النّقل به واردا مورد الحجّة ، والمعلوم خلاف ذلك . ثمّ إنّ الأمّة بين القائلين ، فقائل يذهب إلى أنّ المعتبر في معرفة الفطر وأوائل الشّهور بالأهلَّة وقائل يذهب إلى أنّ المعتبر في ذلك بالعدد ، وليس فيهم من يقول إنّ المعتبر في ذلك بما ذكرته [1] ، ولا يقول أحد عن الرّسول صلَّى الله عليه وآله ولا عن أحد من الأئمّة عليهم السّلام ، إنّه قال : أوّل الشّهر يوم كذا والآخر يوم كذا ، إلَّا ما يذكر من الخبر المتضمّن لقوله عليه السّلام : يوم صومكم يوم نحركم [2] . وهذا ممّا لا شبهة فيه أنّه لم يرد مورد الحجّة ، وذكر في هذا المذهب خلاف متقدّم على زمان الجدول وإذا كان كذلك وجب القضاء بفساد ما ذكرته . وممّا يدلّ أيضا على أنّ المعتبر في معرفة أوائل الشّهور والصّوم والفطر بالأهلَّة ، ما هو معلوم ضرورة في شرع الإسلام من فرق المسلمين إلى ( أنّ ) [3] رؤية الأهلَّة في تعريف أوائل الشّهور من زمن النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله إلى زماننا هذا ، وأنّه صلَّى الله عليه وآله كان يتولَّى رؤية الهلال بنفسه وملتمسه [4] ويتصدّى لرؤيته وكذلك المسلمين ، وخروجهم إلى المواضع المكشفة ، وتأهّبهم كذلك من غير إنكار من أحد له ولا دفع . وما ثبت عنه صلَّى الله عليه وآله ممّا شرّعه من قبول الشّهادة في الرّؤية ، والحكم
[1] في نسخة واعظزاده وفي نسخة المكتبة المركزيّة لجامعة طهران ورد مكان ذكرته ( ذكر به ) والمصحّح صحّحه قياسا . [2] أقول : أورد في تفسير البرهان في ذيل آية يسئلونك عن الأهلَّة نقلا عن السّيد ابن طاوس - ره - في الإقبال : أنّه قال : ومن ذلك ( اى من القواعد ) ما سمعناه ولم نقف على إسناده عن أحدهم عليهم السلام : يوم صومكم يوم نحركم - انتهى . [3] في نسخة المكتبة المركزية لجامعة طهران ورد لفظ ( انّ ) . [4] ظاهرا : يلتمسه .