ففي الكافي روى الكلينيّ - قدّه - بإسناده عن الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن * ( الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ) * . فقال : بياض النّهار من سواد اللَّيل - الحديث . ورواه الشّيخ في التّهذيب بإسناده عن الكلينيّ . وفي الكافي أيضا عن أبى بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام فقلت : متى يحرم الطَّعام والشّراب على الصّائم ، وتحلّ الصّلوة صلاة الفجر ؟ فقال : إذا اعترض الفجر وكان كالقبطيّة [1] البيضاء ، فثمّ يحرم الطَّعام وتحلّ الصّلوة صلاة الفجر . قلت : فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشّمس ؟ فقال : هيهات أين تذهب ؟ تلك صلاة الصّبيان . ورواه الشّيخ في التّهذيب بإسناده عن الكلينيّ ، والصّدوق في من لا يحضره الفقيه عن عاصم بن حميد عن أبى بصير . وروى الصّدوق أيضا أنّه سئل من الصّادق عليه السّلام عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، فقال : بياض النّهار من سواد اللَّيل ، وقال في خبر آخر : وهو الفجر الَّذي لا شكّ فيه . والحاصل أنّ ما جعله الشارع أجلا لصلاة الفجر والصّيام هو تبيّن الفجر ، بحيث كان من الوضوح بمثابة افتراش الأفق من ثياب بيض ، لا يشكّ فيه أحد ، وهذا التبيّن مع هذا العرض العريض متأخّر عمّا جعله الفلكيّون مبدأ للفجر بفاصل ، ولا يمكن جعله طريقا وكاشفا عن أوّل زمان خروج الأفق عن الظَّلّ المخروطىّ إلى فضاء أشعّة الشّمس ، وهو بحساب علم الفلك يتحقّق في لحظة . وهذا بخلاف زوال الشّمس عن خطَّ نصف النّهار المارّ على رأس المصلَّى ، فإنّه يتحقّق في لحظة واحدة ، وحيث جعل موضوعا لصلاة الظَّهر في قوله تعالى * ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ، ) * [2] يمكن التعويل عليه إلى القول الفلكيّ مع الوثاقة . والسّرّ في جميع ما ذكرناه من الشّواهد والأمثلة ، أنّ التّبيّن مأخوذ من البيان ، و
[1] في مرآت العقول نقل عن الصّحاح : أنّ القبط أهل مصر ، والقبطيّة ثياب بيض رقاق من كتّان يتّخذ بمصر ، وقد يضمّ لأنّهم يغيّرون في النسبة كما قالوا : ، سهلي ودهري - انتهى . [2] سورة 17 الإسراء الآية 78 .