إسم الكتاب : رسالة حول مسألة رؤية الهلال ( عدد الصفحات : 176)
لرئى الهلال ؟ فإن التزم بالأوّل ، لزم القول بعدم دخول الشّهر ولو علم بوجود الهلال في الأفق بنحو قابل للرّؤية ولكن قد حجبه غيم مكثف عن تحقّق الرّؤية خارجا . كما لو علم بذلك نتيجة رصده في السّماء أو تشخيصه بالأجهزة الحديثة الَّتي تخرق حجاب الغيم ، أو افترضنا إخبار معصوم لنا بذلك . والالتزام بهذا بعيد جدّا ، ومن يخالف لا ينبغي أن يكون خلافه كبرويّا ، بل في الصّغرى والمنع عن إمكان تحصيل العلم بوجوده كذلك في الأفق . وإن التزم بكفاية الرؤية التّقديريّة ، كان ذلك عبارة أخرى عن إلغاء دخالة الرؤية في تكوّن الشّهر وحملها على الطَّريقيّة المحضة إلى بلوغ الهلال في نفسه مرتبة قابلة للرؤية في السّماء . 3 - إنّ خروج الهلال عن المحاق أو تحت الشّعاع ، لا يساوق العلم بإمكانيّة رؤيته في نقطة ما على سطح الأرض - وهي النّقطة الَّتي تشرف فيها الشّمس على المغيب من مجموع الكرة الأرضيّة - لكي يمكن دعوى : أنّ جعل الرّؤية طريقا محضا يلزم منه أن يكون الشّهر الشرعيّ مساوقا مع الشّهر الفلكيّ دائما ، وذلك لاحتمال أن لا يكون الهلال الخارج عن تحت الشّعاع قابلا للرؤية في تلك النّقطة . لا من جهة احتمال وجود أحد العوامل الطبيعيّة أو الفلكيّة أو الفيزيائيّة الَّتي اعترفتم بإمكان منعها عن الرّؤية فحسب ، بل ولاحتمال أن لا يكون الهلال بعد قد وصل في سيره حول الأرض إلى أفق تلك المنطقة الَّتي تغرب فيها الشّمس ، لكي يمكن أن يرى بمجرّد خروجه عن تحت الشّعاع . فإنّ الخروج عن تحت الشّعاع وحده لا يحقّق إمكانيّة الرّؤية ، بل لا بدّ من افتراض زوال أشعّة الشّمس عن منطقة الرّؤية أيضا . وهذا لا يكون إلَّا مع تطابق الأفقين والمغربين ، لكي يتاح للنّظر رؤية الهلال بمجرّد خروجه عن الشعاع . وهذا التّطابق لا دليل على أنّه يحصل بمجرّد خروج الهلال عن تحت الشّعاع ، لأنّ الدّائرة الَّتي ينعكس فيها القمر من سطح الكرة الأرضيّة أصغر من الدّائرة الَّتي تنعكس فيها الشّمس منه ، لكبر حجم الشّمس وصغر حجم القمر . وقد عرفنا أنّ الكوكب الأكبر إذا كان منيرا يحتلّ مساحة أكبر في إشعاعه على الأرض من كوكب آخر أصغر حجما .