فمن الطَّبيعيّ أن يكون مغرب القمر قبل مغرب الشّمس في أوّل الأمر حين تقارن النّيّرين ، ثمّ يبدء المغربان بالتّقارب ، أى يبدء مغرب القمر بالاقتراب من مغرب الشّمس ، نتيجة حركته إلى جهة المغرب حول الأرض ، حتّى يصل الحال في دورانه ووصوله إلى النّاحية الأخرى المقابلة لجهة الشّمس من الأرض ، أن يكون بداية غروب الشّمس هي بداية طلوع القمر ، وبداية طلوع الشّمس هي بداية غروب القمر وهكذا . هذا مضافا إلى عوامل أخرى ربما تفرض دخالتها في عدم تطابق دائرتى الانعكاس على سطح الأرض من النّيّرين ، نتيجة ميلان أحدهما على الآخر في السّماء في نفسها ، أو نتيجة ميلان الأرض في الفصول الأربعة . فعلى كلّ حال مجرّد تحقّق المغرب في نقطة ما على سطح الأرض في كلّ آن حتّى آن خروج القمر عن تحت الشّعاع لا يلازم دخول الشّهر ، لأنّه لا يلازم بلوغ القمر إلى تلك النقطة في الأفق ، بحيث يكون قابلا للرّؤية ، بل قد يكون لا يزال في الآفاق والدّوائر الأرضيّة الَّتي تقابل ضوء الشّمس ويكون الوقت فيها نهارا ، فلا يكون قابلا للرّؤية . 4 - إنّ الاشتراك في الآفاق ، لانفهم له معنى محدّدا محصّلا . وتوضيح ذلك : أنّ رؤية الهلال كما قلنا تتحقّق نتيجة سير القمر إلى جهة المغرب من الأرض بنحو يخرج عن المحاق ويكون قابلا للرؤية في نقطة مغرب الشّمس في سطح الأرض . فإذا لاحظنا تلك النّقطة من سطح الأرض ، فتمام النّقاط الَّتي تقع على جهة المغرب منها ، وعلى خطَّ عرض واحد ، تكون مشتركة معها في الأفق ، لأنّها جميعا حين يمرّ عليها نفس هذا الغروب يكون الشّهر داخلا بالنّسبة إليهم لرؤيتهم الهلال ، ولكنّ النقاط الواقعة إلى جهة المشرق منها مهما تكون قريبة منها لا تكون مشتركة في الأفق معها ، لعدم إمكان رؤية الهلال فيها عند مغربها بحسب الفرض . وهكذا النقاط الَّتي تقع إلى جهة الشّمال أو الجنوب منها ، بنحو تخرج عن الدّائرة الَّتي تنعكس على الأرض من القمر حين مغيب الشّمس عنها . فهل يا ترى يلتزم باشتراك بلدين متباعدين جدّا في دخول الشّهر وعدم الاشتراك مع البلد المجاور القريب من أحدهما . هذا بحسب المكان ، وكذلك الأمر غير محدّد بحسب الزّمان ، إذ ربما يكون خروج القمر عن تحت الشّعاع مصادفا في شهر لنقطة من سطح الأرض حين مغيب