إسم الكتاب : رسالة حول مسألة رؤية الهلال ( عدد الصفحات : 176)
قال : إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتم الهلال فأفطروا ، وليس بالرّأي ولا بالتّظنّي ، وليس الرؤية أن يقوم عشرة نفر ، فينظروا فيقول واحد هوذا ، وينظر تسعة ولا يرونه ، ولكن إذا رآه واحد لرآه ألف . وأمّا الاستشهاد الثالث بجمل الذكر والآية في معنى يوم العيد وليلة القدر وما شابههما ، فقد قلنا : إنّ المراد منها إمّا ليل طويل هو مجموع تلك الظَّلمة في دور كامل أرضىّ يبلغ أربع وعشرين ساعة ، ولكلّ بقعة حدّ خاصّ وتعيّن مخصوص منها ، أو نهار طويل كذلك ، وإمّا ليل قصير كلَّيّ ينطبق على مصاديق عديدة ، حسب الآفاق المختلفة أو نهار قصير كذلك فسماحتك اختارت الشقّ الأوّل من التّقسيم ، حيث أفدت أنّها هي الواحدة المحدودة بتمام دور الأرض بظلَّها الكلَّي . غاية الأمر أنّ المشار اليه بلفظ ( هذا ) عندك جميع الظَّلمة أو النّور في الدّور الكامل الأرضى ، وعندنا هو تعيّن مخصوص من تلك الظَّلمة أو النّور في كلّ صقع بحسبه . فالمشار إليه على كلا المذهبين هو الظَّلمة أو النّور المشخّصة الخارجيّة . لكن لمّا كان مجموع تلك الظلمة أو النور البالغ لأربع وعشرين ساعة في الدّور الكامل الأرضىّ ، هو ترسيم فكرى وتصوير ذهنيّ فقط ، لجميع النقاط المارّة عن محاذاة القمر عند غروب الشمس ، أو جميع النقاط المارّة عن محاذاة الشمس عند طلوعها ، من هذه الدّورة الكاملة ، خارج عن محطَّ الصّدق اللَّغوي والعرفي من معنى اللَّيل والنّهار ، اخترنا أنّ المراد من المشار إليه هو البعد ما بين غروب الشّمس وطلوعها أو البعد ما بين طلوعها وغروبها من الدّورة . فما ذهبنا إليه في مدلول لفظ ( هذا ) بهذا التعيّن والتّشخّص ، هو المساعد للدّليل . وأمّا الشّقّ الثّاني وهو جعل اللَّيل كليّا منطبقا على أفراد عديدة ، فلا ريب أنّ هذا الكلَّيّ طبيعيّ خارجيّ ، لا كليّ منطقىّ ولا عقليّ . وبلفظ ( هذا ) يشار إلى هذه الطَّبيعة المتّحدة مع مصاديقها خارجا . ونظير هذا الاستعمال في محاوراتنا كلّ يوم يبلغ آلاف . هذا آخر ما وفّقني الله تعالى لتحرير الجواب ، دفاعا عن رسالتنا الَّتي لو انتشرت في بلاد العامّة من المسلمين لاضطرّتهم إلى القبول ، بالموازين العلميّة المدرجة فيها ، الَّتي لا مناص لأحد عن قبولها ، ولهداهم إلى سبيل الحقّ ، وهو أحقّ أن يتّبع . وأمّا الباعث لي في النّهوض بتحرير الرّسالة ، وهذا الجواب ، مع كثرة ما ورد علىّ