ومعلوم أنّ قيام الأمارات مقام الرؤية إنّما هو بأدلَّة خاصّة واردة في مقامنا هذا . مثل ما مضى آنفا وهو ما رواه المفيد - قدّه - في المقنعة عن ابن أبي نجران عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام : قال : لا تصم إلَّا للرّؤية أو يشهد شاهدا عدل . وما رواه الكليني بإسناده عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام : إنّ عليّا عليه السّلام كان يقول : لا أجيز في الهلال إلَّا شهادة رجلين . وما رواه أيضا بإسناده عن حمّاد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام : لا يجوز شهادة النّساء في الهلال ، ولا يجوز إلَّا شهادة رجلين عدلين . ورواه في التهذيب مرسلا نحوه . وما رواه محمّد بن الحسن الطَّوسي - قدّه - بإسناده عن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام إذا رأيتم الهلال فأفطروا ، أو شهد عليه بيّنة عدل من المسلمين - الرّواية . وما رواه أيضا بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام : إنّه سئل عن اليوم الَّذي يقضى من شهر رمضان فقال : لا تقضه إلَّا أن يثبت شاهدان عدلان من أهل الصّلوة متى كان رأس الشهر الحديث . وما رواه أيضا بإسناده عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السّلام : قال : صم لرؤية الهلال ، وأفطر لرؤيته ، فإن شهد عندكم شاهدان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه . وغير ذلك من الرّوايات الكثيرة الدالَّة على قيام البيّنة مقام الرؤية في خصوص المقام . ومعذلك كيف يمكن أن يتفوّه بعدم إمكان قيام الأمارات مقام الرؤية ، حتّى إذا فرض أنّ الشّارع صرّح ونادى بأعلى صوته بمدخليّة الرؤية بما أنّها رؤية ، لا بما أنّها كاشفة محضة . وبذلك يظهر أنّ ما أفدت من تضعيف دعوانا انصراف الإطلاقات ، من أنّ هذه عدول عن الموضوعيّة إلى طريقيّة الرؤية ، بدعوى حكومة البيّنة بوجود المرئيّ في أفق المكلَّف وإن لم يره ، خال عن السّداد .