فإن كانت الأولى كان الحكم الإباحة بالاتّفاق . وإن كانت الثانية : فكذلك عند المجتهدين ، وإن خالفت الأخبارية . واعترض عليه : بأنّ الشبهة الموضوعيّة إذا كانت مفهومية مراديّة وجب الاجتناب عن جميع المحتملات من باب المقدّمة . وفيه نظر ، يظهر وجهه ممّا يأتي في الجواب عن أدلَّة الحاظرين . ومنها : ما دلّ على جواز الغناء في العيدين ، مثل ما رواه الحميريّ في ( قرب الإسناد ) عن عبد اللَّه بن الحسن ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السّلام قال : سألته عن الغناء في العيد [1] الفطر والأضحى والفرح ؟ قال : لا بأس به ما لم يعص به انتهى [2] . ونحوه ما رواه علي بن جعفر في كتابه ، إلَّا أنّ فيه بدل « ما لم يعص به » : « ما لم يزمّر [3] به » انتهى بالزاء المعجمة في أوّله والمهملة في آخره أي : لم يلعب معه بالمزمار ، أو لم يرجّع فيه ترجيع المزمار ، أو لم يقصد منه قصده من تهييج الشهوات ، أو لم يتغنّ به على سبيل اللهو المحرّم ، ويحتمل أيضا أن يكون المراد : ما لم يكن الغناء بسبب النفخ في المزمار ونحوه من آلات الأغاني ، ويحتمل العكس أي ما لم يشر به إلى شيء من الفسوق والفجور ، كما هو دأب أرباب العشق الحيواني . فالروايتان بمنطوقهما دالَّتان على عدم البأس بالغناء الَّذي لا يكون لهويّا ، كما أنّهما بمفهومهما دالَّتان على ثبوته في اللهويّ . ولا يقدح اختصاصهما بالعيدين والفرح ، لعدم القول به على القول بالجواز .
[1] . كذا وفي الأصل : في الفطر والأضحى ، وفيه اختلاف آخر ، هنا فراجع . [2] . قرب الاسناد ، ص 121 ، باب ما يجوز من الأشياء . وفي قرب الاسناد المطبوع في النجف 1369 هجري قمري ، ص 163 وسألته ، بدل سألته . [3] . الوسائل ، ج 12 ، ص 85 ، وفيه « ما لم يؤمر به » . أيضا راجع البحار ، ج 10 ، ص 271 .