تقدّم عن ( مفتاح الكرامة ) القول باتّحاد التطريب مع المدّ والترجيع والتحسين ، ولكن الظاهر : أنّ التطريب مستلزم للترجيع بل العكس على مصطلح أهل الموسيقى ، غاية ما في الباب أنّ محصّل الاختلاف في وضع الغناء لغة - بعد بداهة فساد القول بكونه مجرّد الصوت ، لما بيّنّاه - يرجع إلى اثنين : أحدهما أنّه موضوع لغة للصوت المشتمل على الترجيع أي ترديده في الحلق بالتلفظ با آ اآ اآ كما تقدّم . وثانيهما : أنّه يعتبر فيه مع ذلك الإطراب . والأوّل ، وإن كان مقتضى الأصل ، بل الأخذ بالأعمّ ، بناء على القول الذي في المقدمة الخامسة تقدّم ، إلَّا أنّ القائل المصرّح به قليل ، بل لم نعرفه باسمه وأنّما حكاه جماعة قولا ، أو عن بعض من [ غير ] تصريح [1] باسمه ، بل في بعض الرسائل لبعض الأفاضل : أنّ الحكم بكونه غناء ممّا لا شاهد له ، ولا دليل يساعده من لغة أو عرف أو حديث ، بل في قوله عليه السّلام في رواية ابن سنان : « اقرأوا القران بألحان العرب وأصواتها وإيّاكم ولحون أهل الفسق والكبائر ، فإنّه سيجيء بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء » [2] . دلالة ظاهرة على أنّ مطلق الترجيع ليس غناء بل هو كيفية خاصّة من التراجيع [3] انتهى . وفي رسالة السيد ماجد أنّه عليه السّلام نهى عن ترجيع القرآن ترجيع الغناء ، فلو لم يكن ترجيع الغناء أخصّ من الترجيع المطلق لكان يقتصر على قوله « يرجّعون القرآن » ولم يذكر « ترجيع الغناء » لعدم الفائدة فيه . وبعبارة أخرى « ترجيع الغناء » وقع مفعولا مطلقا مضافا ، والمفعول المطلق المضاف أو
[1] . في المخطوط ( من تصريح ) والصحيح : من غير تصريح . كما في المنتقد مجلد المتاجر ، ص 157 - مخطوط . [2] . الكافي ، ج 2 ، ص 614 ، حديث 3 . [3] . نقل هذا في المنتقد أيضا ، ص 157 ، « مخطوط » ولم أقف بعد على صاحب العبارة والرسالة .