ولكنّ التأمّل في عباراتهم يعطي أنّ مرادهم تخصيص الحرمة بهذا النوع ، لا نفي الاسم من غيره ، وقد فصّلناه في منتقد المنافع شرح النافع [1] . ومنها : أنّه الصوت اللهويّ . وهذا أعمّ ممّا تقدّم ، فإنّ الصوت قد يكون بنفسه لهوا وإن لم يشتمل على لهو الكلام ولم يقترن بالملاهي ، كالصوت المعروف بالتصنيف المستعمل في المراثي ونحوها ، ممّا لا يكون بنفسه من لهو الكلام . ولكن الظاهر أن القائل بالسابق يجعل مثل هذا الصوت نفسه من الملاهي ، كما أنّ القائل بهذا القول يعمّم اللهويّ لما يندرج فيه الأوّل . وكيف كان فهذا القول مختار جماعة ، ولكنّ ظاهر هم كما سبق . ومنها : أنّه الصوت الطيّب الموزون المفهوم المعنى ، المحرك للقلب . نسبه جماعة إلى الغزالي ، ولكن عبارته صريحة في أنّ مثل هذا الصوت بنفسه مباح قد تعرضه الحرمة بسبب عوارض محرّمة [2] . فلا دلالة فيها على انحصار معناه اللغويّ فيه ، مع أنّه قد جزم جماعة بأنّ الغناء من كيفيات الصوت ولا يعتبر فيه المقروء والمدلول ، فتأمّل . ومنها : أنّه ما يسمّى في العرف غناء . صرّح به جماعة ، ووجهه : أنّ ما لم يقدّر شرعا فالمحكَّم فيه هو العرف . وفيه : أنّ ذلك حيث كان العرف مضبوطا ، وليس كذلك في المقام ، كما صرّح به بعض الأعلام ، قال : لا عرف لأهل العجم في لفظ الغناء ، ومرادفه من لغة الفرس غير معلوم ، وعرف العرب فيه غير منضبط [3] انتهى . ولكن قد عرفت أنّ مرادفه في لغة الفرس : « خوانندگى وسرود » ونحوهما فتدبّر .
[1] . منتقد المنافع ، ص 168 ، مجلد المتاجر - مخطوط . [2] . راجع احياء علوم الدين ، ج 2 ، صص 296 - 294 . [3] . مستند الشيعة - للنراقي ، ج 2 ، ص 340 .