تشخيص الموضوع اللغويّ بالعرف إلَّا بضميمة أصالة عدم النقل . فتأمل . ومنها : أنّه الصوت المشتمل على غنّة . حكى عن ابن يعيش ، قال : وإنّما سمّي المغنّي مغنّيا لأنه يغنن صوته أي يجعل فيه غنّه [1] . قال ابن هشام : والأصل عنده مغنّن بثلاث نونات فأبدلت الأخيرة ياء تخفيفا [2] انتهى . وهو كما ترى فتدبّر . ومنها : أنّه الصوت المشتمل على الترجيع ، وإن لم يكن مطربا . ذكره جماعة ، والظاهر عدم اعتبارهم المدّ ، وهو أقرب من القول باعتبار المدّ ، دون الترجيع ، كما في ( مجمع الفائدة ) للأردبيليّ قال : ولا يبعد إطلاقه على غير المرجّع والمكرر في الحلق [3] انتهى . والإنصاف أنّه في غاية البعد ، نعم ، عدم اعتبار الإطراب ليس بذلك البعيد ، كما هو ظاهر ابن إدريس في المكاسب من ( السرائر ) ، حيث عدّ من المحظور : الرقص ، وجميع ما يطرب من الأصوات والأغاني [4] انتهى . فإنّ الأغاني جمع الأغنيّة ، وهو نوع من الغناء كما في القاموس [5] وقد عطفه على الأصوات ، فيكون في الغناء ما لا يطرب . نعم ، ربّما يحكى عنه أنّه فسّر الغناء بالصوت المطرب ، ولم أجده فيما ظفرنا عليه من عبارته ، فليتأمّل . ولكن ربّما يقال : إن الترجيع لا ينفكّ عن التطريب . وهو عجيب مع أنّ وصف الأكثر الترجيع بالمطرب في تفسير الغناء كالصريح في
[1] . شرح المفصّل لابن يعيش ، ج 9 ، ص 33 . [2] . مغني اللبيب ، بخطَّ عبد الرحيم ، ص 176 . [3] . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 8 ، ص 57 . [4] . كتاب السرائر ، ص 206 . [5] . القاموس المحيط للفيروزآبادي ، ج 4 ، ص 372 .