إلى أبي الحسن عليه السّلام ، فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم وحملت الثمن إليه . إلى أن قال : فقال عليه السّلام : لا حاجة لي فيه إنّ هذا سحت وتعليمهنّ كفر ، والاستماع منهنّ نفاق ، وثمنهنّ سحت [1] . وحكي عن إسماعيل بن الجامع : أنّه لمّا قدر عليه رزقه ارتحل من مكَّة قاصدا حضرة الرشيد في بغداد ، فلمّا ورد المدينة استمع من جارية مارّة قدّامه صوتا لم يسمع مثله قطَّ ، فالتمس منها التعلَّم فأبت فأعطاها ثلاثة دراهم وتعلَّم منها ، فلمّا ورد بغداد وأدرك حضرة الرشيد وتغنّى بما تعلَّم منها ، أعطاه ألف دينار ، والتمس منه الإعادة ، فلمّا تغنّى به ثانيا أعطاه أيضا ألف دينار ، ثم قال له : تغنّ بما أحسنت ، فتغنّى طول الليل بالتركيبات والأصوات المخترعة له ولغيره ، فلم يعطه شيئا . فقال له الرشيد - آخر الليل - قد اتبعت كثيرا ، فإن لم يك شاقّا عليك تغنّ بالصوت الأوّل ، فتغنّى به فأعطاه أيضا ألف دينار [2] . وحكي أيضا عن أبي مسكين : أنه تعلَّم من جارية سوداء بالمدينة صوتا بأربعة دوانق من فضة ، فلمّا تغنّى به عند الرشيد أعطاه خمسة آلاف دينار [3] . وبالجملة قد كان التغنّي بالأصوات اللهوية والألحان المقترنة بالملاهي المحرّمة شائعا متعارفا في الأزمنة السابقة إلى زماننا هذا ، ومن هنا حملنا ما دلّ على حرمة الغناء على هذا القسم خاصّة ، فليفهم .
[1] . الكافي ج 5 ص 120 حديث 7 كتاب المعيشة . [2] . هذه القصة طويلة فراجع الأغاني ج 6 صص 333 - 326 . [3] . انظر خبر أبى مسكين بطوله في مروج الذهب للمسعودي ، ج 3 ، صص 273 - 270 .