الشهويّة من كون المغنّي جارية أو أمرد ، أو نحو ذلك . انتهى [1] فليتأمل . وكيف كان ، فالصوت اللهويّ على قسمين : أحدهما : أن يكون الصوت بنفسه من ألحان أرباب الفسوق كالتصنيف المعروف في هذه الأزمنة . وثانيهما : أن يكون مقترنا بالمحرّمات من آلات اللهو وشرب الخمور ونحوها ممّا هو المتعارف المعمول في مجالس الفسّاق في هذه الأزمنة ، وقد كان شائعا متعارفا في زمن الجاهلية وبعد ظهور الإسلام ، ولا سيّما في زمن دولة بني أميّة والعبّاس ، وكانت الجواري يتعلَّمن الألحان العجيبة والنغمات الغريبة المهيّجة للشهوات المزيّنة للسيّئات ، وتزيينها بالتصدية والتصفيق وضرب الدفوف والعيدان وغيرها من آلات اللهو ، وكان شغلهن من الغداة إلى الرواح ، ومن العشية إلى الصباح التغنّي بهذه الألحان والنغمات ، واستعمال الملاهي لجذب الفسّاق إلى أنفسهن في الخلوات والجلوات ، لتحصيل ما قرّر عليهن سادتهنّ في هذا الكسب الشنيع الذي صار من أعظم مكاسبهم ، بل ربّما كانوا يكرهون فتياتهم عليه حتّى ورد قوله تعالى : « ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً » [2] . وقد غلت بذلك قيم جواريهم المغنّيات حتى بلغت قيمة إحداهنّ إلى ثلاثة آلاف دينار وأكثر . [3] وفي رواية إبراهيم بن أبي البلاد قال : قلت لأبي الحسن الأول عليه السّلام جعلت فداك ، إنّ رجلا من مواليك عنده جوار مغنّيات ، قيمتهنّ أربعة عشر ألف دينار وقد جعل لك ثلثها . فقال : لا حاجة لي فيها ، إن ثمن الكلب والمغنية سحت [4] . وفي روايته الأخرى قال : أوصى إسحاق بن عمر بجوار له مغنّيات أن نبيعهنّ ونحمل ثمنهنّ
[1] . المكاسب للشيخ الأنصاري ره ص 37 ط تبريز . [2] . سورة النور ، آية 34 . [3] . العبارات من رسالة إيقاظ النائمين فراجع . [4] . الوسائل ج 12 ص 87 حديث 4 أبواب ما يكتسب به .