ولا خلاف في حرمته إذا أريد به آلة من آلات اللهو المنصوص على حرمتها ، كالدفّ ونحوه ، وكذا لو أريد به المحرّم من القول والفعل . ومرجع الأوّل إلى الثاني ، فإنّ المراد بالتحريم المتعلَّق بالأعيان تحريم ما يناسبها من الأفعال ، كالاستعمال في المقام . كما لا خلاف في إباحته إذا أريد به بعض المعاني الذي لم يثبت حرمته ، بل ثبت إباحته . نعم ، ظاهر جماعة إطلاق القول بحرمة كلّ ما يسمّى لهوا ، ولكن يمكن حمله على ما ذكرناه . ومن هنا ظهر ضعف الاستدلال لحرمة مطلق الغناء بما دلّ على حرمة اللهو . نعم ، يصحّ الاستدلال به على حرمة الصوت اللهويّ ، مع تفسيره بما يهيّج الشهوات ويزيّن السيّئات . ودعوى : أنّ الغناء مطلقا - بنفسه - من الملاهي المحرّمة ، كالدفّ ، والمزمار . أوّل الكلام ، ولا دليل عليها . ولكن قد يقال : أنّ حرمة اللعب بآلات اللهو ، الظاهر أنّها من حيث اللهو لا من حيث خصوص الآلة . وهو كما ترى . وفي بعض الرسائل : أن اللهو كما يكون بآلة من غير صوت ، كضرب الأوتار ونحوه ، وبالصوت في الآلة كالمزمار والقصب ونحوهما ، فقد يكون بالصوت المجرّد ، فكلّ صوت يكون لهوا بكيفيته ومعدودا من ألحان الفسوق والمعاصي فهو حرام ، وإن فرض أنّه ليس بغناء . وكلّ ما لا يعدّ لهوا فليس بحرام ، وإن فرض صدق الغناء عليه فرضا غير محقّق ، لعدم الدليل على حرمة الغناء إلَّا من حيث كونه باطلا ولغوا وزورا . إلى أن قال : ثمّ إنّ المرجع في اللهو إلى العرف ، والحاكم بتحقّقه هو الوجدان ، حيث يجد الصوت المذكور مناسبا لبعض آلات اللهو ، وللرقص ، ولحضور ما تستلذّه القوى