وصور التعارض كثيرة مفصّلة في الأصول . وكيف كان ، فمجرّد استعمال اللفظ في معنى أو معان لا يوجب الحقيقة بل هو أعمّ منها على الأصحّ المشهور . فإذا حققنا معنى حقيقيا للفظ ، وشككنا في سائر موارد استعمالاته ، ولم تساعدنا على ثبوت الوضع له أمارة ممّا قرّروه ، ولا تنصيص ممن يقبل قوله من أهل اللغة ، حكمنا فيه بالتجوّز . ومن هذا القبيل لفظ « الغناء » فإنّ وضعه للصوت المطرب في اللغة ثابت ، وكذا في العرف للصوت المطرب اللهويّ ، وليس هذا من الاشتراك ، لأنّ المعتبر فيه تعدّد الوضع في اصطلاح واحد ، فاستعماله في سائر المعاني الآتية مجاز ، فلا إجمال فيه مع القرينة ، ولا بدونها ، في اللغة ، ولا في العرف . واحتمال وضعه لمطلق الصوت - كما يظهر من بعض اللغويين - وهو الجامع بين المعاني . ضعيف ، لعدم ثبوته ، مع استلزامه التجوّز في استعماله في خصوص المطرب ، أو الاشتراك ، وكلاهما بعيد ، فتدبّر . واختلاف الأقوال في تحقيق الحال وتشتّت المقال في هذا المجال لا يوجب الإجمال ، بعد وضوح الحقّ بالبرهان والاستدلال . المقدّمة التاسعة : الصوت من الكيفيّات المحسوسة ، وهو على ما صرّح به جماعة من الحكماء : كيفيّة تحدث في الهواء بسبب تموّجه المعلول للقرع الذي هو إمساس عنيف ، والقلع الذي هو تفريق كذلك ، مع مقاومة المقروع والمقلوع للقارع والقالع . وليست الحروف والكلمات من أجزائه ولوازمه ، لتحقّقه بدونها بالضرورة ، وإنّما هي مميّزاته عمّا يماثله في الحدّة والثقل . لأنّه يختلف باختلاف قوّة المقاومة وضعفها قوة وضعفا ، وباختلاف صلابة المقروع