الراجح من التساوي والتوقف ، أو ترجيح المرجوح ، أو الراجح . ومنشؤه رعاية الأصل من حمل اللفظ على المعنى الموضوع له ، ومراعاة الغلبة الموجبة للظهور ، لكونها بمنزلة القرينة الصارفة ، وحصول التعارض الموجب للتوقّف . وقد يتوهم : أنّ مجرد تبادر أظهر أفراد اللفظ وأشهرها مقتض للنقل وتجدّد الوضع ، لكون التبادر من علائم الحقيقة وأماراتها . وفساده واضح ، فإنّ التبادر الَّذي هو من العلائم ، هو الوضعي ، أي فهم المعنى من جوهر اللفظ وحاقّه ، من دون ملاحظة أمر خارج عنه من غلبة الاستعمال وغيرها من الأسباب الخارجة ، لا الإطلاقيّ ، أي فهمه من اللَّفظ بواسطة أمر خارج عنه ، فإنّه لا يوجب الوضع ولا ينتقل منه إليه انتقالا إنّيا كما في الوضعي . قال بحر العلوم قدّس سرّه في فوائده : كيف وجميع الألفاظ الموضوعة للمعاني الكلية يتبادر منها الأفراد الشائعة المتعارفة ، وقلَّما يتّفق أن يكون أفراد الكلي متساوية في الظهور والسبق والتبادر إلى الفهم ، بل الغالب اختلافها في ذلك [1] انتهى . و « حينئذ » فلا وجه للتفرقة بين مسألة الفرد الشائع ومسألة المجاز الراجح بأنّ حملهم المطلق على الفرد على الشائع مبنيّ على ثبوت الحقيقة العرفية في ذلك اللفظ مع هجر المعنى اللغوي ، فلو حمل « حينئذ » على غير هذا الفرد أو على معناه اللغوي الصادق على جميع الأفراد مطلقا كان حملا للَّفظ على معناه المجازي ، أي الحقيقة المهجورة ، بدون قرينة ، وهو غير جائز ، فتعيّن الحمل على الفرد الشائع ، لأنّه حمل للكلمة على حقيقتها ، ولا حاجة فيه إلى القرينة ، بخلاف حمل اللَّفظ على المجاز المشهور فإنّ حقيقته لم تهجر بل تتعاهد في بعض الأوقات . ولذا وقع الاختلاف بينهم بما عرفته في تلك المسألة دون ما نحن فيه ، لأنّ جانب الوضع الجديد فيه سليم عن المعارض ، والوضع القديم في مسألة المجاز الراجح معارض بالظهور الناشئ عن الشهرة والغلبة .