ووجه الفساد في هذا الوجه : أنّ كلامنا في ما لم تثبت الحقيقة العرفية ، حيث أطلقوا القول بأنّ المطلق منصرف إلى فرده الشائع ومحمول عليه ، وقد صرّحوا بذلك في مواضع كثيرة نقطع فيها بعدم ثبوت الوضع الجديد ، وهذا واضح لمن تتبّع في الفقه . ويرشد إلى هذا ما يذكرونه في الأصول من أنّ غلبة استعمال المطلق في الفرد من أمارات تشخيص المراد ، ولم يذكروها في أمارات تشخيص الأوضاع . ومن هنا ظهر أيضا أنّه لا وجه لما قد يتوهّم من أنّ حملهم المطلق على الفرد الشائع مبني على صيرورته فيه مجازا مشهورا فيرجّح على الحقيقة المرجوحة . فإنّهم قد أطلقوا هذا الحكم ، وأرسلوه إرسال المسلَّمات ، وفيهم من يتوقف في مسألة تعارض المجاز الراجح مع الحقيقة المرجوحة ، ومن يقدّم الحقيقة على المجاز مستدلا بقوّة الوضع ورعاية الأصل . هذا ، مع أنّ مجرّد استعمال المطلق في الفرد ليس تجوّزا ، كما فصّل في محلَّه . والحاصل أنّ مجرد شيوع استعمال المطلق في فرد لا يوجب صيرورته حقيقة عرفية في خصوصه ، ومجازا في العموم البدلي . ولذا قال بعض السادة الأجلَّة قدس سرّه : لو وقع التصريح بالعموم كأن يقول : « أعتق رقبة أيّ رقبة شئت » كان اللفظ مستعملا في معناه الحقيقي غير معدول به عن معناه الأصليّ ولا مراعى فيه وجود العلاقة بينه وبين غيره ، كما هو شأن المجاز . انتهى . وكذا لا يوجب مجرّد استعمال المطلق في الفرد الشائع باعتبار أنّه من مصاديقه كونه مجازا ، نعم ، لو استعمل فيه مع إرادة الخصوصية من اللفظ كان مجازا ، لأنّه لم يوضع لفرد بعينه بل لشائع في جنسه . وكذا لو استعمل في العموم الاستغراقيّ بالقرينة الحالية من قاعدة الحكمة ، كما في : « أَحَلَّ الله الْبَيْعَ » [1] ونحوه ممّا أوجب حمله على الفرد المعيّن الترجيح من غير مرجّح ، أو الإجمال المنافي لمقتضى الحال ، وعلى غيره المبهم قيام الصفة الوجودية - كالحلَّية مثلا - بما لا