ليس في محلَّه ، فتأمّل . وثالثا : أن إطلاق الأمر بالتعاون منساق لبيان حكم آخر ، فلا ينصرف إلى محلّ النهي ، وقد اعترف هو أيضا بأنّه : إذا كان إطلاق الأمر كذلك يقدّم جانب الحرمة ، كالأمر بالمسافرة والنهي عن ركوب الدابّة المغصوبة ، والأمر بالإفطار والنهي عن أكل المتنجّس ومال الغير . قوله : وأما التنظير بالزنا ، إلى آخره . قلت : أيّ فرق بين الأمر بقضاء الحاجة والأمر بالتعاون والنهي عن الزنا والنهي عن الغناء ؟ فكما أنّ النهي عن الزنا حاكم على الأمر بقضاء الحاجة فكذلك النهي عن الغناء حاكم على الأمر بالبكاء . اللهمّ ، إلَّا أن يراد بحاجة المؤمن حاجته الشرعية ، كما يشعر به الإضافة إلى المؤمن ، و « حينئذ » فلا مناسبة . وممّا ذكرنا ظهر أيضا ضعف ما ذكره والده النحرير في ( مستنده ) من أنّ ترجيح جانب الحرمة على الجواز بعد التعارض غير ثابت ، إلَّا على وجه الأولوية ، وهو أمر آخر [1] . فإنّ مقتضى التحكيم لزوم ترجيح جانب الحرمة لا أولويته . وسابعها : أن دلالة العامّ المشتمل على النهي المستلزم لطلب انتفاء الطبيعة رأسا أقوى من دلالة الأمر الذي لا يقتضي إلَّا الامتثال الحاصل بوجود بعض الأفراد ، قاله المحقّق القمي رحمه اللَّه في بعض تحقيقاته . ويمكن إرجاعه إلى بعض ما تقدّم . الخامس : أنّ من يقرأ المرثية ، لا يقال : إنّه يغنّي ، بل يقال : إنّه يقرأ المرثيّة ، وكذا الكلام في قراءة القرآن . قال المحقّق القميّ رحمه اللَّه : فجعل الغناء صفة للفظ والمقروء ، لا للصوت والقراءة .