الأصلية ، كما في العبور عن ملك الغير إلى المسجد ، قال : ووجهه أنّ رجحان المقدّمة من باب التوقّف العقلي للمأمور به بحكم العقل ، وهو يكون حيث لم تمكن المقدّمة مع إمكان حصول الغرض بغيرها ، لعدم الدليل « حينئذ » على رجحانها . وأمّا إذا كان الحكمان أصليّين فالتعارض حاصل في مورد التخالف ، وإن اختلف العنوان ، لعدم [1] إمكان الجمع بين الامتثالين ، والتعارض بالعموم من وجه كلَّه من هذا الباب . إلى أن قال : وأما التنظير بالزنا في حصول قضاء حاجة المؤمن ، فلا مناسبة له بالمقام ، فإنّ أصل الحاجة وهي الزنا محرّمة على المحتاج ، فكيف يحسن قضائها ؟ بل يحسن من الغير الإعانة على منعها ، بخلاف البكاء [2] . ففيه : أوّلا : أنّ الفاضل المشار إليه قد بنى ما ذكره على الحكومة ، فيهدم ما أسّسه المحقّق المعاصر ، ضرورة عدم التعارض الحقيقي بين الحاكم والمحكوم كما عرفته . وثانيا : أنّ رجحان التعاون إنّما هو للتوصّل إلى البرّ ، فقد سلَّم أنّه لا يعارض الحرمة الأصلية ، وأيّ فرق بين التوصّل إلى المسجد بالعبور عن ملك الغير ، والتوصّل إلى البكاء بالغناء المفروض تحريمه ؟ ودعوى أنّ التعاون مطلوب في نفسه ، مجازفة . فما ذكره من أن محلّ البحث من باب تعارض الحكمين الأصليّين بالعموم من وجه ، إذ الأمر بالإعانة على البرّ هو الأمر بإيجاد ما توقّف عليه ، وهو في الفرض من أفراد الغناء المعين على البكاء أو الإبكاء ، فيحصل التعارض .
[1] . في المخطوط : ( لعموم إمكان الجمع ) . [2] . مشارق الأحكام للحاج ملَّا محمّد النراقي ابن احمد بن مهدي النراقي رحمه اللَّه ص 161 - 160 .