الرابع : أنّ البكاء على الحسين عليه السّلام وسائر المظلومين من أهل البيت عليهم السّلام وأصحابهم ، والتفجّع في مصائبهم ورزاياهم أمر مطلوب شرعا ، لتواتر الأخبار بالحثّ عليه ، والغناء معين عليه ، ورجحان الإعانة على البرّ ثابت بالكتاب والسنّة ، فيكون الغناء المعين على البكاء مطلوبا ، وقد قيل : إنّ المفضي إلى المحمود محمود . واعترض عليه بوجوه : أحدها : أنّ هذا يقتضي استحباب التغنّي بالمراثي ، ولا قائل به - وإن قيل باستحبابه في القرآن - ويشهد له أنّ المستثني ربما يقول : إنّ الأحوط تركه ، فتدبّر . وثانيها : أن كون الغناء معينا على البكاء ممنوع ، وإن سلَّم كون الصوت معينا عليه . قال المحقق القميّ رحمه اللَّه بعد منع كون الغناء مبكيا على الحسين عليه السّلام بل إنّما هو مقتضى طبيعته في بعض الأحيان - وإن كان في الأشعار الباطلة - غاية الأمر حصول بكاء مركَّب من الحلال والحرام [1] انتهى . وقال المدقّق التستري قدسّ سرّه : أمّا كون الغناء معينا على البكاء والتفجّع فهو ممنوع ، بناء على ما عرفت من كونه هو الصوت اللهوي ، بل ، وعلى ظاهر تعريف المشهور من الترجيع المطرب ، لأنّ الطرب الحاصل منه إن كان سرورا فهو مناف للتفجّع لا معين ، وإن كان حزنا فهو على ما هو المركوز في النفس الحيوانية من فقد المشتهيات النفسانية لا على ما أصاب سادة الزمان . انتهى [2] . وفيه نظر ، فإن الصوت على استقامته من حيث هو لا يوجب البكاء والحزن ، كما لا يوجب ضحكا ولا سرورا ، ولكن إذا اشتمل على ترجيع وتطريب فقد يثير حزنا ، فإذا أصاب إلى الدماغ دمعت العين ، وإذا أصاب إلى الروح تموّج وظهر منه الصياح ، كما صرّح