أحدها : أنّ التفسير معارض بتفسير بعضهم « لهو الحديث » بالطعن في الحقّ والاستهزاء به : وقد رواه الطبرسي في المجمع [1] عن الصادق عليه السّلام أيضا ، فتأمّل . وثانيها : أنّ الغناء - وإن كان في اللغة هو مطلق الصوت المطرب - ولكنّه في عرفهم الصوت اللهويّ ، ولا كلام في حرمته ، كما عرفت . وثالثها : أنّ الآية - بعد ملاحظة الأخبار المفسّرة - تدلّ على تحريم الغناء الذي يشترى ليضل عن سبيل اللَّه ، ولا نزاع فيه ، وليس فيها دلالة على حرمة مطلق الغناء ، إذ ليس كلّ غناء بدلا من الدين مضلَّا به عن سبيل اللَّه ، كالغناء المرقّق للقلب المذكَّر للجنّة ، المشوّق ، إلى العالم الأعلى . نعم ، التفسير بمطلق الغناء ربّما يوهم عدم الفرق ، وهو كما ترى . ورابعها : أنّ اللهو هو الباطل ، والحديث بمعنى الكلام ، والإضافة بتقدير إحدى الثلاث ، فتدلّ الآية على حرمة الغناء المقترن بأباطيل الكلام كالأشعار المتضمّنة للتشبيب المحرّم ونحوها من الأحاديث الباطلة . وكذا لو جعلنا الإضافة بيانية ، أو جعلنا « لهو الحديث » مرادا به على سبيل التجوّز : مطلق ما يلهي عن اللَّه قولا كان أم فعلا ، كما عن تفسير القمّي رحمه اللَّه [2] . ويرشد إليه جملة من هذه الروايات حيث جعل فيها الغناء من أفراده ، لاعتبار اللهو فيه ، أو في تحريمه فيخرج عن محلّ النزاع . وكذا لو أريد به : ما يلهي عمّا يغني [3] كالأحاديث التي لا أصل لها والأساطير التي لا اعتبار بها ، والمضاحيك ، وفضول الكلام ، كما في تفسير البيضاويّ . قال : والإضافة بمعنى ( من ) وهي تبيينيّة إن أراد بالحديث المنكر ، وتبعيضية إن أراد به
[1] . مجمع البيان ، ج 8 ، ص 313 . [2] . تفسير القمي ، ج 2 ، ص 161 . [3] . كذا في المخطوط والصحيح ( عما يعني ) بالعين المهملة .