الأعم . انتهى [1] فتأمل . وخامسها : أنّ الحديث هو الكلام الخبريّ ، فيدلّ على حرمة التغني بالكلمات الملهية فإنّ الصوت من حيث إنّه صوت لا يسمّى حديثا ، كما أنّ الصوت المشتمل على كلمات حقّة لا يسمّى لهو الحديث ، قال بعض الأفاضل : أولا ترى أنّ نغمات الأوتار لا تسمّى لهو الحديث وقول الزور ، وأنّ الأحاديث الواردة في ذمّ استماعها لا تعلَّل بهما . وهل يمكن أن تتّصف الكلمات الحقّة من القرآن والأحاديث بسبب الترجيع بلهو الحديث وقول الزور ؟ وأيّ عقل يجوّز أن يصير القرآن الذي هو أصدق حديثا - بسببه - قولا زورا وكذبا صراحا ؟ وان تنقلب الآيات القرآنية الإنشائية بتطريب الصوت المرجّع إلى الحقيقة الخبرية وصارت أحاديث ملهية وأقوالا كاذبة ؟ [2] انتهى فتأمل . وسادسها : أن الآية على ما صرّح به جماعة نزلت في النضر بن الحارث لمّا اشترى كتب الأعاجم ، وكان يحدّث بها قريشا ، ويقول : إن كان محمد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يحدّثكم بحديث عاد وثمود ، فأنا أحدّثكم بحديث رستم وإسفنديار والأكاسرة [3] . وعن بعضهم : أنّ الآية نزلت في أبي جهل لمّا قال : يا معاشر قريش ، ألا أطعمكم من الزقّوم الذي يخوّفكم به صاحبكم ، فأرسل إلى زبد وتمر ، فقال : هذا هو الزقوم الذي يخوّفكم به [4] . وقيل : إنّ النضر كان يشتري القيان ويحملهنّ على معاشرة من أراد الإسلام ومنعه منه [5] فنزلت الآية .
[1] . أنوار التنزيل وأسرار التأويل « تفسير البيضاوي » ، ص 543 . [2] . رسالة إيقاظ النائمين ، راجع التمهيد في علوم القرآن ، ج 5 ، ص 215 . [3] . تفسير البيضاوي ، ص 543 . [4] . تفسير نور الثقلين ، ج 4 ، ص 194 ، حديث 11 . أيضا راجع تفسير مقتنيات الدرر ، ج 8 ، ص 233 . [5] . تفسير البيضاوي ، ص 543 .