وأمّا الغناء على الوجه الثالث : أي الصوت المطرب المجرّد عن الوصفين المذكورين فقد اختلفوا في إباحته ، وحرمته ، على قولين . أقواهما - عندي - هو الأوّل ، وفاقا لكثير من المتأخّرين ومتأخّريهم كالمحدّث الكاشاني [1] والمحقّق السبزواري [2] والمدقّق التستري [3] وغيرهم من مشايخنا المعتبرين . وربّما ينسب إلى الصدوق رحمه اللَّه في الفقيه ، والشيخ في الاستبصار . وهو خطأ كما بينّاه في شرح النافع [4] . والثاني : ظاهر أكثر الأصحاب ، وهو مذهب كثير من مخالفينا ، كأبي حنيفة ، وسفيان الثوري ، وحمّاد ، وإبراهيم ، والشعبي . ومالك قال : إذ اشترى جارية فوجدها مغنّية كان له ردّها . وللشافعي قولان : أحدهما ذلك ، وثانيهما أنّ الغناء لهو مكروه يشبه الباطل ، ومن استكثر منه فهو سفيه تردّ شهادته [5] . وكيف كان ، فمستند المبيح وجوه : منها : أصل الإباحة ، فإنّ كلّ شيء ينتفع به مطلق مباح بحكم العقل والنقل حتّى يرد فيه نهي ، ولم يثبت نهي عن خصوص الصوت المطرب المبحوث عنه سوى ما يأتي الجواب عنه ، فحيث لا دليل على حرمته حكمنا بإباحته . قال أبو الحسن عليه السّلام في حديث : إنّ أمور الأديان أمران : أمر لا اختلاف فيه بين الأمّة وهو ضرورة في الدين لا يقبل الشكّ ، وأمر يحتمل الشكّ والإنكار ، فمن