ادّعى شيئا من هذا القسم فعليه أن يحتجّ عليه بكتاب مجمع على تأويله ، أو سنة النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لا اختلاف فيها ، أو قياس يعرف العقول عدله إلى أن قال : فمن ادّعى شيئا من هذا الأمر ولم يكن له شيء ، من هذه الحجج الثلاث وسع خاصّة الأمّة وعامّتها الشك فيه والإنكار له [1] انتهى . قال السيّد ماجد رحمه اللَّه في رسالته المفردة لهذه المسألة بعد ذكر هذه الرواية : هذا قانون كلَّيّ أعطاناه ، فلنعرض الغناء اللغويّ عليه ، ليعرف حاله ، فنقول : لا شكّ أنّ حرمته ليست من ضروريات الدين ، وإلَّا لم يختلف فيه أحد ، سيّما فحول العلماء الذين حازوا قصب السبق في مضامير الأفكار ، وفازوا بوصال بنات المعاني الأبكار ، وبلغوا في المعقول والمنقول درجة الاجتهاد ، وانتشر صيت فضلهم في الأصقاع والأقطار ، وهل يمكن لمن له أدنى تميز وعقل أن يجوّز أن يكون أمر من ضروريّات الدين مخفيّا على أمثال هؤلاء الأعلام المتبحّرين في جميع العلوم ؟ ومبيّنا لمن قرء ألفية الشهيد وبرحا من المختصر النافع أو شرائع الإسلام ؟ وإلَّا فليجوّز غلبة الذباب على العقاب ، وليقبل دعوى الرجحان على المحيط من السراب ! . فبقي أن يكون ممّا احتمل الشكّ والإنكار ، فنطلب منكم الدليل على حرمته ؟ أمّا الدليل النقليّ فحاله ما ذكرناه وبيّناه لكم . فتعيّن عليكم أن تستدلَّوا عليها بدليل عقليّ ، وأكثركم يا معشر المنكرين مستنكفون عن الدليل العقلي مستهزؤن لمن طالب شيئا به ، وهذا أيضا تهافت آخر ومعارضة أخرى مع اللَّه ورسوله وخلفائه ، وليس هذا الموضع مقام بيان فساده وقد رفع مؤنته عنّا صاحب الاحتجاج بتصنيفه هذا الكتاب لبيان بطلان هذا المسلك . وأنشدكم بالله : هل تجد عقولكم محذورا في استماع صوت محزن مبك حامل لكلمات
[1] . تقدم ان الحديث بهذا اللفظ منقول من رسالة إيقاظ النائمين . وأيضا تقدم ذكر مصادره على اختلاف ألفاظه فيها فراجع .