والغرض من وضع علم الموسيقى بيان طرق تحسين الصوت وتزيينه بمعرفة وجوه المناسبات العدديّة المقترنة بالألحان المستحسنة والنغمات المعجبة الجارية على الكلمات الموزونة الموافقة للأصول العروضية . وقد صرّح بعض الأفاضل بأنّ موضوع علم الموسيقى هو : الصوت المعروض للمناسبات العددية من حيث أنّه معروض لها ، أو للأعداد الموجودة في المادة أي الصوت . قال : فيبحث فيه عن كيفية مناسبات اللحون واتّفاقها وكيفية تأليفها واختلافها ، وبالجملة يبحث فيه عن كيفية الاتفاق والاختلاف . وبيّنوا : أنّ تحقّق الأعداد المذكورة إنّما يتحقّق بالتراجيح ، فإن كان الصوت على استقامته من غير ترجيع يكون واحدا ، فإذا رجّع بترجيع واحد صار اثنين ، وإذا رجّع بترجيعين صار ثلاثة . وهكذا . وهذا كالحركة ، فإنّها ما دامت على استقامتها تكون واحدة ، فإذا انعطفت أو رجعت تصير متعدّدة . وبيّنوا فيه : أنّ النغمات إذا كانت متناسبة تكون حسنة ، وإن كانت مختلفة كانت قبيحة ، وأما إذا لم تكن مشتملة على المناسبة أو المخالفة لم تتّصف بالحسن والقبح ، بل يتصف بأمر آخر كالحدّة ومقابلها . انتهى . [1] فحسن الصوت كيفية عارضة له تحصل برعاية التناسب في الترجيع ، وكلَّما زاد تناسبا زاد حسنا . وفي الأحياء : أنّ الوزن وراء الحسن ، فكم من صوت حسن خارج عن الوزن ، وكم من صوت موزون غير مستطاب . والأصوات الموزونة باعتبار مخارجها ثلاثة : فإنّها إمّا أن تخرج من جماد كصوت المزامير والأوتار وضرب القضيب والطبل وغيره .