إسم الكتاب : ذريعة الاستغناء في تحقيق مسآلة الغناء ( عدد الصفحات : 173)
عموم القرآن وإن كانوا قائلين به [1] انتهى . ومن هنا ظهر ضعف الاستدلال لحرمة مطلق الصوت المطرب ، وإن لم يكن لهويّا ، بما حكي عن المفيد رحمه اللَّه من دعوى الإجماع على حرمة الغناء [2] لعدم معلومية إرادته من الغناء ما يشمل غير اللهويّ . على أنّه يحتمل أن يكون استناده في هذه الدعوى إلى اتّفاقهم على مسألة أصوليّة نظير دعواه إجماع المسلمين على أنّ المطلَّقة ثلاثا في مجلس واحد يقع منها واحدة . ثم قال : وأمّا إجماع الأمّة فهم مطبقون على أنّ ما خالف الكتاب والسنّة فهو باطل ، وقد تقدّم وصف خلاف الطلاق بالكتاب والسنّة ، فحصل الإجماع على إبطاله [3] انتهى . فلعلَّه نظر إلى دلالة بعض الآيات وكثير من الروايات على حرمة الغناء فادّعى الإجماع عليها لإطباقهم على أنّ ما حرّمه الكتاب والسنّة فهو حرام . ثم لو سلَّمنا حجيّة مثل ذلك ، فلا نسلَّم حجيّته بالنسبة إلى جميع ما يطلق عليه الغناء ، بل المسلَّم ثبوت الحرمة في الجملة ، وهذا لا يجدي في تعميم الحكم لمحلّ النزاع . وممّا بيّنّاه تبيّن حال الاستناد إلى الشهرة أيضا ، فليتدبّر . المقدّمة الثالثة : المطلق من حيث هو لا يفيد العموم ، لأنّه لم يوضع له لغة ولا عرفا ، بل هو موضوع للماهيّة المطلقة لا بشرط شيء آخر ، بخلاف الألفاظ الموضوعة للعموم فإنّها موضوعة للماهيّة بشرطه . وإلى هذا يرجع ما في « تمهيد القواعد » للشهيد الثاني من أنّ الفرق بينهما مع اشتراكهما في الحكم أنّ العام هو الدالّ على الماهية باعتبار تعدّدها ، والمطلق هو الدالّ عليها من حيث
[1] . فرائد الأصول ج 1 ص 93 . [2] . قال رحمه اللَّه في المقنعة ص 90 : كسب المغنيّات حرام وتعلَّم ذلك وتعليمه محظور في شرع الإسلام . [3] . الفصول المختارة ص 135 .