التحويل كان في السنة الثانية فمن ربيع الأول من السّنة الأولى إلى رجب من الثانية لا تجاوز الشهور سبعة عشر فمن جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا وألغى الأيام الزائدة ، ومن جزم بسعة عشر شهرا عدهما معا . فتحصل أنه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم صرف عن بيت المقدس إلى الكعبة بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا . وأن التحويل كان في شهر رجب من السنة الثانية .
ما احتج به رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم على اليهود في صرف القبلة في الاحتجاج بالإسناد إلى أبي محمّد العسكري عليه السّلام قال لما كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بمكَّة أمره اللَّه تعالى أن يتوجه نحو البيت المقدس في صلاته ويجعل الكعبة بينه وبينها إذا أمكن وإذا لم يمكن استقبل البيت المقدس كيف كان وكان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يفعل ذلك طول مقامه بها ( بمكَّة خ ل ) ثلاث عشرة سنة فلما كان بالمدينة وكان متعبدا باستقبال البيت المقدس استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا وجعل قوم من مردة اليهود يقولون واللَّه ما درى محمّد كيف صلَّى حتى صار يتوجه إلى قبلتنا ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا فاشتد ذلك على رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لما اتصل به عنهم وكره قبلتهم وأحب الكعبة فجاءه جبرئيل فقال له رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يا جبرئيل لوددت لو صرفني اللَّه عن البيت المقدس إلى الكعبة فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود فقال جبرئيل عليه السّلام فاسأل ربك أن يحولك إليها فإنه لا يردك عن طلبتك ولا يخيبك من بغيتك فلما استتم دعاؤه صعد جبرئيل عليه السّلام ثم عاد من ساعته فقال اقرأ يا محمّد : « قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ » ( البقرة 144 ) الآيات فقالت اليهود عند ذلك : « ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها » فأجابهم اللَّه بأحسن جواب فقال : « قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ والْمَغْرِبُ » وهو يملكهما وتكليفه التحوّل إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم وهو مصلحهم ومؤديهم بطاعته إلى جنات النعيم .

372