وقد دلَّت طائفة من الأخبار على أنه عليه السّلام ما كان في مكَّة يجعل في صلاته الكعبة بينه وبين بيت المقدس إذا أمكن وكان يحب أن يوجّه إلى الكعبة .
وقد اختلف أقوال الفريقين باختلاف الأخبار في المدة التي صلَّى فيها إلى بيت المقدس بعد قدومه المدينة بعد ما اتفقت في أنه صلى بمكة ثلاث عشرة سنة إلى بيت المقدس . فقد دار أكثر أخبار الفريقين بين سبعة عشر شهرا وبين ستة عشر شهرا والأخبار الأخرى الدالَّة على تسعة عشر شهرا ، وثمانية عشر شهرا ، وخمسة عشر شهرا وثلاثة عشر شهرا ، وعشرة أشهر ، وتسعة أشهر ، لا تبلغ ذلك الكثرة بل ما نقل بعضها إلا عن واحد فحسب . كما أنها قد اختلفت في أنهم كانوا في صلاة الصبح أو الظهر أو العصر والأكثر مالوا إلى الوسط .
ثم اختلفوا في أن مسجد القبا هو المسمى بمسجد القبلتين أو غيره . والصواب هو الثاني وهو الذي كان يعرف الآن بذلك الاسم وهو غير مسجد القباء كما قد اختلفت الأخبار في الشهر الذي صرف إلى الكعبة وفي يومه فقد قال معاوية بن عمار قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام متى صرف رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم إلى الكعبة ؟ قال بعد رجوعه من بدر وكان يصلَّى بالمدينة إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا ثم أعيد إلى الكعبة .
وفي مسار الشيعة للمفيد قده كما في البحار قال : في النصف من رجب سنة اثنتين من الهجرة حوّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة وكان النّاس في صلاة العصر فتحوّلوا : فيها إلى بيت الحرام .
وقال السمهودي من العامة في وفاء الوفاء عن سعيد بن المسيب قال صلى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا وصرفت القبلة قبل بدر بشهرين والثبت عندنا أنها صرفت في مسجد القبلتين .
قال وفي رواية أخرى عنه صلَّى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بعد أن قدم المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم حوّلت القبلة قبل بدر بشهرين .

370