آيات القرآن بالمصطلحات المستحدثة والمعاني الوضعيّة لأهل صناعة علمية كما هو دأب أهل عصرنا . والتأمّل التام الدقيق في الآيات الثلاثة لا يجوز حمل البروج على ذلك المعنى الاعتباري المصطلح عند قوم حتى يقول اللَّه عز وجل فيه : « تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً » ، وذلك الأمر الاعتباري الاصطلاحي يضاهي أسامي الصور الموهومة المنتزعة من هيئة اجتماع الكواكب كما تقدم فهل يصحّ أن يقول عز من قائل تبارك الذي جعل في السماء صورا مثلا ؟ ! وسيتّضح لك هذا المعني زيادة إيضاح بعد البيان في الفرق بين الصورة والبرج .
والحق أن الآيات ليست ناظرة إلى ذلك الاصطلاح الخاص بل البروج فيها بمعنى الكواكب قال أبو الحسن على بن إبراهيم بن هاشم القمي في تفسير القرآن في سورة الفرقان في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تبارك وتعالى : « تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً » فالبروج الكواكب .
وكذا في تفسير ابن عباس في سورة الحجر هي النجوم التي يهتدي بها في ظلمات البر والبحر .
وقال الطريحي في مجمع البحرين : والبروج أيضا الكواكب العظام سمّيت بها لظهورها قال تعالى : « والسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ » .
وفي الدر المنثور في سورة الحجر : أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد في قوله ولقد جعلنا في السماء بروجا قال كواكب . قال وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ولقد جعلنا في السماء بروجا قال الكواكب . قال وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله ولقد جعلنا في السماء بروجا قال الكواكب العظام .
وقال الشيخ الطوسي في التبيان في سورة الحجر : قال الحسن ومجاهد وقتادة المراد بالبروج النجوم ، وكذا قال الطبرسي في مجمع البيان : البروج النجوم عن ابن عباس والحسن وقتادة .
فمعنى آية الحجر ولقد جعلنا في السماء كواكب وزينّا السماء بالكواكب

132