للناظرين وحفظنا السماء من كل شيطان رجيم كما قال تعالى : « إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ » ( الصافات 9 ) وقال تعالى : « وزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وحِفْظاً » ( حم السجدة 12 ) والضمير المؤنث في زينّاها وحفظناها وجعل فيها راجع إلى السماء لأنها تؤنث قال تعالى : « والسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ » ، وقال السماء الدنيا .
والقوم لمّا فسروا البروج بالمعنى المصطح عند الفلكيين احتاجوا أن يقدروا كلمة بالكواكب بعد قوله تعالى : « زَيَّنَّاها » حتى يستقيم المعنى وأمّا على ما ذهبنا إليه فلا حاجة إليه لأن معناها حينئذ وزينّاها بالبروج ، على أن سياق الآيات تأبى إلا ذلك المعنى المختار كما يعلم بالغور والتعمق فيها .
وقد سبقنا في هذه الدقيقة الفاضل السنيور كرلونلَّينو في علم الفلك فأفاد في المحاضرة السادسة عشرة ( ص 107 ) بقوله : كانت أهل البادية من أحوج الناس إلى معرفة الكواكب الثابتة الكبرى ومواقع طلوعها وغروبها لأنّهم كثيرا ما اضطرّوا إلى قطع الفيافي والقفار ليلا مهتدين برؤية الدراري فلولاها لضلَّت جيوشهم وهلكت قوافلهم في الكثبان والبراري كما ورد في سورة الانعام فلا غرو انهم عرفوا عدة من الكواكب الثابتة وسموها بأسماء مخصوصة يذكر جزء منها في أشعارهم ، اما البروج الاثنا عشر فأظنها عند العرب مجهولة وانها ليست المراد بلفظ البروج الوارد في القرآن الشريف .
وثانيا أن الصور النجومية الاثني عشرة التي تسمى البروج ليست أكثر من الصور الأخرى ضياء أو حسنا أو عظما أو غرابة الشكل فلا تحوى شيئا مرئيا يستوجب تفضيلها على سائرها .
وثالثا ان قسمة فلك الشمس إلى البروج الاثني عشر لا تهم إلا أصحاب أحكام النجوم ومعلوم أن العرب ما كانوا يشتغلون بعلم هذه الأحكام .
ورابعا أن أسماء كل البروج ما عدا الجوزاء هي مترجمة من أسمائها اليونانية

133