نام کتاب : دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية نویسنده : الشيخ المنتظري جلد : 1 صفحه : 598
12 - وفي الخطبة القاصعة من نهج البلاغة : " ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم و كبرائكم ! الذين تكبروا عن حسبهم وترفعوا فوق نسبهم وألقوا الهجينة على ربّهم ، و جاحدوا اللّه على ما صنع بهم ، مكابرة لقضائه ومغالبة لآلائه . فإنّهم قواعد أساس العصبية و دعائم أركان الفتنة وسيوف اعتزاء الجاهلية . فاتّقوا اللّه ولا تكونوا لنعمه عليكم أضداداً و لا لفضله عندكم حُسّاداً ، ولا تطيعوا الأدعياء الذين شربتم بصفوكم كدرهم ، وخلطتم بصحتكم مرضهم ، وأدخلتم في حقكم باطلهم ، وهم أساس الفسوق وأحلاس العقوق ، اتخذهم إِبليس مطايا ضلال وجنداً بهم يصول على الناس وتراجمة ينطق على ألسنتهم استراقاً لعقولكم و دخولا في عيونكم ونفثاً في أسماعكم . " [1] فتأمل في هذا الحديث الشريف ، وانظر كيف ينطبق مضامينه على الرؤساء الطُغاة الحاكمين في أعصارنا . وكيف يصول بهم الشيطان على الناس ! ! وحيث لا تجوز إِطاعتهم - والمفروض أنّ الحكومة ممّا لا محيص عنها ولا تتمّ هي إِلاّ بالإطاعة والتسليم - فلا محالة يجب اسقاط الحكومة المسرفة الفاسدة لتخلفها الحكومة العادلة الصالحة المفترض طاعتها . وإِسقاطها من عرش القدرة لا يتحقق غالباً إِلاّ بالكفاح المسلح . فإن قلت : لعلّ النهي في الآيات والروايات متوجّه إِلى إِطاعة أهل الإثم والفساد في خصوص ما أمروا به من الإثم ، وقد مرّ حكمها في الأمر الأوّل ، فلا ينافي ذلك بقاء حكومتهم ووجوب طاعتهم في الشؤون الاجتماعيّة التي يتوقّف عليها حفظ النظام . قلت : ظاهر الآيات والروايات حرمة طاعتهم بنحو الإطلاق في كلّ ما أمروا به . وأنت ترى أنّ أهل الفساد والتزوير كثيراً مّا يستفيدون حتى من الأمور العبادية و مظاهر الشرع المبين استفادة سياسية شيطانية ، وربّما أحكموا بذلك قواعد ملكهم ليكثروا فيها الفساد . فلا تستغرب أن ينهى الشارع عن إِطاعتهم بالكليّة حتّى في الأمور التي تكون صلاحاً بالذات حذراً من استحكام دولتهم وحكومتهم بذلك ،