نام کتاب : دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية نویسنده : الشيخ المنتظري جلد : 1 صفحه : 47
ونشره ، وصار كأنّه باخع نفسه حرصاً على ذلك ، وقدّم في سبيل ذلك مئات من الشهداء من خيرة المسلمين ، ولم يغفل عنه ساعة واحدة من عمره الشريف . وكان يعتني ويهتمّ في دعوته وارشاده حتى بالمسائل الجزئية الفرعية كمال الاهتمام . و كان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع ذلك ملتفتاً إلى ان الاسلام لمّا يستوعب الحجاز بعد فضلا عن سائر البلاد ، وان السلطات الكافرة في إيران والروم وغيرهما تقف أمام نشر الاسلام ، ولا يتيسّر دفعها إِلاّ بالقوة والقدرة والقيادة الجازمة ، وكان عالماً بأخلاق العرب و تعصباتهم القبائلية والعشائرية ، وبقاء بعض الرواسب في عدد من النفوس ، وملتفتاً إلى وجود منافقين يعملون لانتهاز الفرص ، وان حبّ الدنيا والمناصب رأس كلّ الخطايا ، وان الارتداد والانقلاب على الأعقاب مما ينبغي ان يخاف منه وقد قال اللّه - تعالى - : " وما محمد إِلاّ رسول ، قد خلت من قبله الرسل . أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ؟ " [1] وقال الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على ما في البخاري وغيره : " يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا ربّ أصيحابي ، فيقال : إِنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح : " وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم " [2] فيقال : ان هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم . " [3] فهل يجوّز العقل مع ذلك كلّه ان رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع عقله ودرايته وفراسته ، مضافاً إلى نبوته ورسالته ، ومع اهتمامه بانتشار الاسلام أهمل بالكلية أمر الدين والأمّة و ترك أمر القيادة من بعده ولم يعيّن تكليف المسلمين في ذلك ؟ ! كيف ؟ ! ولو أراد قيّم قرية صغيرة ان يسافر سفراً موقّتاً فهو بطبعه ووجدانه يعيّن مرجعاً يرجع اليه حين سفره وغيبته ويوصي بالرجوع اليه في الأمور ، وكان هو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضاً في أسفاره وغزواته يستخلف على المدينة المنورة من يخلفه في أموره الخاصة و العامة مدّة سفره كما ضبط المؤرخون أسماءهم ، فكيف ينسب اليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع كونه عقل الكل وخاتم الرسل انه ترك الاستخلاف لما بعد وفاته عن عمد أو غفلة ؟ !
[1] سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية 144 . [2] سورة المائدة ( 5 ) ، الآية 117 . [3] صحيح البخاري 3 / 127 ، في تفسير سورة المائدة ، وفي سنن الترمذي 5 / 4 ، في تفسير سورة الأنبياء .
47
نام کتاب : دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية نویسنده : الشيخ المنتظري جلد : 1 صفحه : 47