عنه - ومثّل له بقولنا : لقيته وإن عليه جبّة وشيء ، وعدّ رحمه الله من ذلك في بحث الحروف المشبهة بالفعل قوله تعالى * ( وما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ ) * الفرقان : 20 [1] . هذا وظني أن وجه التأكيد في هاتين الجملتين أن كلا منهما كلام برأسه ملقى إلى المؤمنين فهو راجح عندهم متقبل لديهم كما ذكره صاحب الكشاف عند قوله تعالى * ( وإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا ) * البقرة : 14 [2] ، وأما ما قيل من أن وجه التأكيد في الآية التي نحن فيها هو أن الكفار منكرون كون أكل ما لم يذكر اسم الله عليه فسقا فليس بشيء لأن المخاطب بالآية الكريمة المؤمنون ، وهم لا ينكرون كون أكل الميتة فسقا ، والمنكر لذلك هم الكفار ، وهم غير المخاطبين بها ، وتأكيد الكلام الملقى إلى غير المنكرين لمجرد كون غير المخاطبين منكرين له اختراع لا يعرفه علماء المعاني . والجواب عما روي من أكله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من اللحم الذي أهدته إليه اليهودية ، بأن الرواية لم يثبت عندنا صحتها فضلا عن تواترها ، وعلى تقدير صحتها فاحتمال علمه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بشراء تلك اليهودية ذلك اللحم من جزار مسلم بإخبار أحد من الصحابة أو بإلهام ونحوه قائم ، والتقريب لا يتم بدون بيان انتفائه ، وأما ما اختاره ابن بابويه - رحمه الله - من إباحة ذبيحة اليهود والنصارى والمجوس إذا سمعنا منهم التسمية عند الذبح قد استدل عليه ببعض الروايات
[1] جاء النص في بحث الحروف المشبهة بالفعل عن ( ان ) ما نصه : « . . وتكسر أيضا إذا كانت حالا نحو لقيتك وإنك راكب قال تعالى * ( وما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ ) * لأن الجملة تقع حالا . » ( الكافية في النحو ج 2 ص 349 ) . ونجم الأئمة هو الشيخ الرضي محمد بن الحسن الأسترآبادي ، النحوي المتوفى سنة 686 ه صاحب « الشرح الكبير » المعروف ب « شرح الرضي » ، من أحسن الشروح على « الكافية » النحوية الحاجبية . وله شرح فارسي عليه أيضا ، كما في « كشف الظنون » . وله « شرح الشافية » الصرفية لابن الحاجب أيضا مطبوع متداول ( الأنوار الساطعة ص 155 ) . [2] الكشاف ج 1 ص 184 .