إسم الكتاب : حاشية مجمع الفائدة والبرهان ( عدد الصفحات : 885)
ولأن عقد المكره عقد عرفا ، فإذا وقع الرضا صح شرعا ، لأن الرضا شرط شرعا ، ولهذا يقول الفقهاء بأن عقد الهازل لا ينفعه الإجازة لعدم كونه عقدا عرفا ، ولا يقولون : إنه وقع العقد أو أوقعه ، فتأمل جدا . وقوله : [ والفرق بين كلامهم بأنه ] لا اعتبار [ به ] . . إلى آخره [1] . فيه ، أنه لا اعتبار من حيث عدم الرضا لا مطلقا ، وأما الصبي والمجنون فمطلقا من حيث إطلاق كلامه ، فليلاحظ وليتأمل ، ولا يكتفى بمجرد الدعوى . قوله : وعدم الأكل بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض . . إلى آخره [2] . إذا حصل الرضا حصل التراضي ، وهو كاف عنده ( رحمه الله ) على ما مر منه ، مع إصراره ومبالغته في ذلك ، هب إنه ما وقع عقد . على أن وجود العقد كيف يصير سببا بعدمه سببا لوجوده ؟ ! وكذلك الحال في البيع ، وهذا عجب . وأما عند المشهور ، فلأنه عقد أوقعه كرها ، ورضاه شرط صحته ، فإذا حصل حصلت ، لاستجماع جميع الشرائط ، ولم يثبت اشتراط المقارنة ، بل الثابت خلافه بمقتضى الأصل ، فيشمله العمومات ، مثل : * ( أوفوا بالعقود ) * وغيره ، فالمقتضي موجود والمانع مفقود . وبالجملة ، عقد المكره عقد كرها وبيع كرها عندهم وعند أهل العرف ، إلا أنه فاسد شرعا ، بمعنى عدم تحقق أثر من حينه إلى أوان الرضا إن حصل ، وإلا فمطلقا - والمراد من الأثر : الانتقال وغيره من الآثار الشرعية - فالرضا شرط لا جزء كما ذكر . وإن ضايقت عن ذلك نقول : بعد تحقق الرضا تحقق العقد ، لعدم
[1] مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 156 . [2] مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 156 .